د. أحمد الفراج
ذات يوم، من عام 2007، وأثناء حملته الرئاسية لانتخابات 2008، تم التقاط صور لباراك أوباما، وهو يحمل أحد كتب الإعلامي، والكاتب الأمريكي الشهير، من أصل هندي، فريد زكريا، وتجمع الاثنين صداقة عميقة، بحكم أنّ اوباما مثقف، يحمل شهادة الدكتوراه في القانون، وفريد زكريا اسم لامع، أمريكياً وعالمياً، كمفكر ومثقف، وهو صاحب المقال الشهير: «لماذا يكرهوننا»، بعيد أحداث سبتمبر المشؤومة، ولا يمكن إنكار أن زكريا هو أحد المنظرين لإدارة أوباما، وبالتالي لا يمكن أن تؤخذ آراؤه على أنها حيادية تماماً، وموقفه من إيران، حالياً، يدخل في هذا الإطار، إذ إن إدارة أوباما في حالة «ود» متبادل مع حكومة طهران، ومن الصعب الجزم بأن زكريا هو صاحب فكرة التقارب، ولكن المؤكد أن موقفه من هذا التقارب هو ذات موقف إدارة أوباما!!.
مقال فريد زكريا الأخير، والذي انتقد فيه المملكة، مقارنة بإيران، هو جزء من الحملة الإعلامية التي يقودها تيار المثقفين الليبراليين الأمريكي، وزكريا واحد من هؤلاء، وذلك في محاولة منهم لتليين الموقف الأمريكي الشعبي « الخشن « من إيران، والذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود، ومع أن زكريا سقط سقوطاً مريعاً، قبل فترة، بعد اكتشاف سرقته لمقتطفات ضمنها إحدى مقالاته، وهو الموقف الذي هز الثقة فيه بشكل كبير، وأدى لإيقافه مؤقتاً، إلا أنه يظل واحداً من أشهر الكتّاب الأمريكيين، وأكثرهم متابعة، سواء عن طريق مؤلفاته، أو مقالاته، أو برنامجه التلفزيوني على قناة سي ان ان، وبالتالي فإن محاولة التقليل من شأنه، كردة فعل على مقاله الأخير، المسيء للمملكة، ليس هو الحل الأمثل، خصوصاً وأن مثل ذلك سيزيد الموقف تعقيداً، إذ لن يضيره، ولكنه قد يزيده إصراراً على الإساءة للمملكة وسياساتها، فما الحل إذاً؟!.
فريد زكريا، مثله مثل أي إعلامي غربي، له مواقفه الخاصة، المبنية على الرصد والتحليل ، وهو أيضاً قريب من مراكز صنع القرار الأمريكي، ويخضع مثل غيره، لسطوة اللوبيات المتنفذة داخل الولايات المتحدة، فمثل ما إن هناك أشهر لوبي أمريكي، وهي منظمة ايباك، هناك، أيضاً، لوبي هندي قوي، وهو اللوبي الذي أوصل، حتى الآن، ثلاثة أمريكيين من أصول هندية إلى «حاكمية» ثلاث ولايات مهمة، وهناك لوبي إيراني قوي، أيضا، ولوبي لاتيني، فأين اللوبي السعودي في أمريكا؟!، وأين ذهبت الأموال الطائلة التي خصصت له منذ أحداث سبتمبر؟!!، وما مدى تأهيل القائمين عليه؟!!، وهل هم على قدر المسؤولية؟!!، لأن مهمة اللوبيات هي الضغط على الساسة والإعلاميين المؤثرين، ومحاولة كسب ودهم، أو على الأقل تحييدهم، خصوصا وأنها تربطنا علاقات تاريخية مع الولايات المتحدة، فهل يعقل أن يكون لدى دول، أصغر حجماً وأقل تأثيراً من المملكة، لوبيات متنفذة وفاعلة، ونكتفي نحن بالشجب والاستنكار في إعلامنا المحلي؟!!، فهل نتحرك قبل أن نخسر ما هو أكثر من فريد زكريا؟!!.