«الذاهبة» ينبض إحساساً و«مبتعثات» يُلامس هموم الفتيات بطريقة مُشوقة ">
كتب - علي العبدالله:
استطاعت قناة روتانا خليجية أن تقلب الطاولة رأساً على عقب وتتفوق على نظيراتها من القنوات الخليجية والعربية وذلك بابتعادها عن (النمطية) في تقديم الأعمال الدرامية بالإضافة إلى وجود برامج متنوعة ومُتجددة.
«روتانا خليجية» التي بدأت توجهها للأعمال الدرامية الخليجية والعربية منذ العام 2008م، تتطور سريعاً حتى أصبحت ضمن القائمة الأولى في خارطة القنوات المهمة لدى المُشاهد الخليجي والعربي، وفي هذا العام قدمت القناة أعمالاً درامية متنوعة، لعل أبرزها مُسلسل «الذاهبة» المستوحى من قصيدة الشاعر ناصر القحطاني وتغنى بها الفنان «خالد عبدالرحمن»، هذا العمل الذي لامس واقعاً مُعاشاً في المجتمع فتفاعل معه المتلقي بلا حدود.
وكذلك مسلسل «مبتعثات» الذي تقدمه المخرجة هيفاء المنصور كأول عمل درامي لها بعد مجموعة من الأفلام السينمائية، وكذلك الحال مع مسلسل «سوبرمحصل» للنجمين الكوميديين أسعد الزهراني وطارق الحربي.
(الذاهبة).
ظهر مستوى الأداء والإخراج والحبكة الدرامية في مسلسل (الذاهبة) بمستوى عالٍ من الدقة والإبهار وهذا ما زاد من أسهمه لدى المُتابع، فبدأ العَمل بمشَاهد افتتاحية مُعبرة ارتبطت بأفعال درامية مُتقنة ومنسجمة مع بعضها، فلم يكن هناك تهويل أو مبالغة غير منطقية في الأحداث. ونُلاحظ الأحداث تبدأ بالتطور في الصراع الدرامي بعد أن يضع الشاب (سلطان) هاتفه النقال مُتعمداً في شنطة الفتاة الشابة (ذهب) التي التقاها صدفة في مصعد الفندق ثُم تعطل بهما وكان ذلك في ليلة زفاف صديقتها (مضاوي).
يُقدم العمل الدراما الرومانسية الاجتماعية بقالب متوازن بين التراجيديا والكوميديا، كما يطرح العديد من القضايا التي لا زال المُجتمع السعودي يٌعاني منها ومن مشاكلها ومنها على سبيل المثال لا الحصر الزواج التقليدي، ويتجسد ذلك في إصرار والدة سلطان على زواجه من قريبته بينما لا يوجد قبول كبير بين الطرفين، وكذلك (الفجوة) بين بعض الفتيات وأمهاتهن، هذه الفجوة التي أحدثت أزمة (فهم) بين الفتيات والأمهات، هذه الأزمة جعل من بعض الفتيات يعشن في عالم افتراضي بين وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.
العمل يُقدم نماذج واقعية مُختلفة من شرائح المجتمع بحبكة درامية مُتماسكة يعتمد فيها الصراع الدرامي على عُنصري التشويق والإثارة بطريقة (مهضومة).
(الإخراج)
استطاع المخرج محمد البكر أن يُقدم مسلسل (الذاهبة) بإيقاع تصويري متوازن كما (قلَص) المدة الزمنية للحلقة إلى 25 دقيقة، وهذه المُبادرة الإيجابية تُعتبر خطوة ذكية من المخرج، لتقديم عمل تنافسي مُتميز بعيداً عن (تمطيط) الأحداث بطريقة (مُنفرة)، خصوصاً في ظل التنافس (الشرس) بين الأعمال الدرامية المتفرقة والموزعة على مجموعة كبيرة من القنوات الخليجية والعربية، وهذه الخطوة تُسجل للمخرج وفريق العمل، وسبق للبكر أن قَدم مجموعة من الأعمال أهمها مسلسل (بنات سكر نبات) الذي تم عرضه في رمضان لعام 2011م.
(الأداء واللهجة السعودية)
مُعظم المشاركين في العمل استطاعوا تقديم أدوارهم بإتقان وجدارة، ولعل أبرزهم الفنان تركي اليوسف الذي جسد شخصية (سلطان) بأداء مُتمكن يُعتبر إضافة لرصيده ومشواره الفني، وكذلك الفنانة (نادين جمالي) التي جسدت دور الفتاة (ذهب) التي تجمعها قصة حُب مع سلطان قَدمت نادين الشخصية بطريقة أقرب إلى الواقع لذلك تفاعل المُتلقي كثيراً مع الأحداث والتطورات المشوقة في الصراع الدرامي.
وما يُحسب لهذه المُمثلة قُدرتها على إتقان اللهجة السعودية (البيضاء) التي كُنا نُعاني من عدم وجودها في الكثير من الأعمال السعودية السابقة وينطبق هذا الكلام على كُل من الفنانتين الشابتين أمينة العلي في شخصية (هند) وكذلك أفنان فؤاد، وحضور (اللهجة) السعودية يُعطي بُعدا آخر للعمل وإضافة إيجابية تزيد من تفاعل المُتلقي مع المسلسل.
(مُبتعثات)
تطل علينا المخرجة (المُتمردة) على واقع المرأة في المجتمع السعودي هيفاء المنصور بمسلسلها الدرامي الأول (مُبتعثات) هذا العمل الذي تُجسد فيه قصة 4 فتيات (علياء، سلمى، رغد، سارا) من مناطق جغرافية مُختلفة في السعودية (الحجاز، نجد، الشرقية)، يذهبن للدراسة في أمريكا وتحديداً في فيلادلفيا، ثم تبدأ تفاصيل العمل وخطوطه الدرامية المتفرقة، بالظهور عندما تواجه المُبتعثات التحديات المتنوعة في الغُربة وكيف يتغلبن على هذه التحديات. وهذا العمل يحكي واقع عايشته مجموعة من المُبتعثات السعوديات ولعل الكاتبة نورة المنصور وُفقت إلى حد كبير في نقل قصص الفتيات إلى الدراما.
(الأداء)
ظهر أداء الممثلات المُشاركات في مسلسل (مُبتعثات) بشكل مُنسجم ومُتناغم مع بعضهن الآخر، وهذا بلا شك زاد من تفاعل المُشاهد مع الأحداث، ولاسيما أن لكل فتاة شخصيتها المُختلفة وطبائعها وثقافتها، بالتالي تختلف ردود فعلهن في المواقف المُتفرقة التي تواجهن في أثناء دراسة اللغة الإنجليزية، أو في حياتهن الاجتماعية في المجتمع الأمريكي.
واستطاعت المخرجة هيفاء المنصور أن تُترجم النص المكتوب على الورق إلى دراما اجتماعية واقعية عشنا أحداثها مع هموم المبتعثات اليومية ودورهن الإيجابي في المجتمع.
(تركي شبانه)
تألق روتانا خليجية المُتجدد يقف خلفه فريق عمل واصل جهده اليومي بلا كلل أو ملل، من أجل أن تظهر أعمال هذه القناة بصورة كاملة للمُشاهد، هذا الفريق (النشط) يقف خلفه مُبدع وإداري ناجح استطاع أن يقودهم إلى التفوق وذلك بتعزيز الطاقة الإيجابية لدى هؤلاء، وتميز «روتانا خليجية» لا يقف عند مسلسلاتها فقط، بل حتى في برامجها التلفزيونية الحوارية، وأهمها (يا هلا رمضان) للزميل علي العلياني الذي استضاف فيه كوكبة من نجوم الفن أبرزهم فنان العرب في حلقة مُتميزة «جداً»، تحدث فيها محمد عبده عن تفاصيل مُهمة في حياته الاجتماعية ومسيرته الفنية.