عبدالعزيز بن عبدالله الرشيد ">
أكتب هذه السطور وأنا في صالة انتظار قسم الصادر والوارد في إدارة الأحوال المدنية بالرياض، قضيت الساعات السابقة من صباحي في محاولة فك أحجية الوصول لهذه الإدارة، فلقد انقلبت مفاهيم المرور المعروفة في كل أنحاء العالم في الشوارع المحيطة بها.. الرايح جاي.. وذاك الآخر مغلق.! ثم تتفاجأ بأن طريقين شكلا مسار لاتجاه واحد «يأخذك» لوزارة تختارها لك إدارة المرور أثابها الله.!؟ والغريب أنهم يجعلونك تشاهد إدارة الأحوال ولكن أعلم جيدا بأن قطار الرياض هو السبب.. ولكن كان بالإمكان وبشكل واضح للعيان تعديل بعض التحويلات تسهيلا لمرتادي إدارة معروفة بكثرة المراجعين.
دعونا من هذا كله، وادلفوا معي لإدارة الأحوال، ستجد صالة حديثة أغلق بابها والحراس يقفون على بابها ليردوا هذا ويدخلوا ذاك والمواطنون تلفحهم أشعة شمس الرياض الحارقة!؟ نعلم أن المراجعات بالمواعيد المسبقة، ولكن ما يمنع وضع كاونتر للاستفسار في داخل الصالة بدل من تجمهر المواطنين في الشمس الملتهبة، فقد يكون منهم من لا يعرف أخذ موعد عبر الموقع الإلكتروني.
أما المبنى الرئيسي الذي فيه أغلب معاملات المواطنين من تجنس وإضافة وتعديل.. فهو قصة أخرى قد يأخذ معك الاستفسار عن معاملة ما في الصادر والوارد ساعات!؟ نعم ساعات وهو استفسار فقط، بمعنى أدخل رقم معاملة المواطن في جهاز الكمبيوتر ليتبين للموظف أين المعاملة و يوجه للإدارة المختصة.. ناهيك عن الإدارات الأخرى في «الأحوال التي يحتاج إلى تغيير أحوال.!؟» فهي تذكرك بعمل الإدارات الحكومية الخدمية قبل 40 سنة، الممرات مغتصة بالمراجعين رجال ونساء.. هذا يتأفف وتلك تصرخ بصوت عال (والله لأكتب للملك سلمان).
لقد خرجت من تجربتي أننا نباشر أعمالنا بنصف وعي ونصف جد، وأن الرغبة في الإكمال والتجويد قد تكون شهوة عند غيرنا يندفع لها المرء بشوق وحماس، أما عندنا فإن الإتقان قد يكون واجبا مملى من الخارج أو تكليفا شاقا نساق لهو سوقا.. وهذا الجو لا يجود فيه شيء، ولن نكسب فيه سباقا مع أحد، فالهمة فاترة والعزيمة خائرة والله المستعان.
أحبتي.. وحتى لا أنهي مقالي بدون اقتراح حلول، فإني أقترح إنشاء إدارة تتبع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تسمى (إدارة الجودة الخدمية ) تعنى بمراقبة الإدارات التي لها خدمات مباشرة للجمهور مثل الخدمات البلدية والصحية والبريدية والتعليمية، وخدمات الجوازات والأحوال المدنية والاتصالات، وخدمات رجال المرور ورجال الأمن. ومن أدوارها:
1- تفعيل المتابعة والمراقبة والمساءلة والثواب والعقاب فيما يخص الجودة والتميز في الأداء الخدمي الحكومي مع التركيز على السلوك الوظيفي.
2- تيسير الحصول على المعلومات، والتوسع في استخدام تقنية المعلومات المتقدمة والإدارة الإلكترونية من قبل أجهزة الدولة، والتوسع في التدريب والتأهيل اللازم لذلك. والتنسيق بين الوزارات الأعضاء في المجلس.
3- استقصاء آراء المستفيدين من خدمات أجهزة الدولة الخدمية من قطاع الأعمال وغيرهم، وإيجاد معايير لقياس جودة أداء الخدمات المقدمة للجمهور من أجهزة الدولة.
4- إحداث مجمعات خدمية شاملة لا مركزية في مختلف الأحياء من مدن ومحافظات المملكة حسب الاحتياج.
أخيرا يجب أن نعلم أن هناك توجها وإرادة مخلصة على مستوى القيادة العليا في المملكة وفي أوساط صناع القرار في مختلف مستويات الإدارة في الأجهزة الحكومية لإحداث نقلة نوعية في الأداء تستجيب للتطلعات والآمال المعقودة عليها من قبل الجمهور المستفيد ويحقق رضاه، ويترك تأثيرا موجبا في مشاعره، ومعروف أن رفع كفاءة أداء الأجهزة الحكومية الخدمية مطلب أساس للتنمية، و فيه رفع للحس الوطني والانتماء بدل من السخط الذي لا يولد إلا نفورا من قيم وطنية نحن نحتاجها في هذا الوقت بالذات. والله من وراء القصد.