خالد بن عبدالله الغليقة ">
يقول علماؤنا - رحمهم الله-: «لا يُستطاع العلمُ براحة الجسم».
لو حضر أي شخص مجلس الملك سلمان في مقر إمارة الرياض حين كان أميرها، أو بعد ذلك في وزارة الدفاع؛ لكان بإمكانه أن يستعير هذه الكلمة بقليل من التحوير، فيقول: لا يُستطاع الحكمُ براحة الجسم!
فمكتبه زاخر بالأعمال، فلا يستطيع الزائر أو المراجع أن يحظى، ولو لدقائق، بفراغ أو راحة.
فالأعمال واللقاءات والاجتماعات والمناقشات مجدولة مسبّقاً، وليس هناك دقائق مهملة في جدول الأعمال، وليس أدل على مقولة: لا يُستطاع للحكم ومواجهة مطالب الرعية: لأنه يواجه أعدادًا غفيرة من الناس مختلفي المراتب والعقول والفهم، فلا يُدرى من أمامه، وبأي أسلوب يعامله، وبأي منزلة من منازل المنطق والعقل يواجهه، وما حاجته ومطلبه، وهل هو من الغاضبين؟ وما سبب غضبه؟ ومَن أغضبه؟ أو من العاتبين؟ وما عتبه؟ أو من الراضين؟ وما مطلبه؟
فللقارئ أن يتصوّر هذه الحال تتكرر، لا في كل سنة مرة، ولا في كل شهر، ولا في كل أسبوع؛ بل يتجدد كلَّ يوم بعد صلاة الظهر، فهو يلتقي مئاتٍ من فئام الناس، منذ خمسين سنة قضاها في إمارة الرياض!
فهذا المجلس المفتوح اسم على مسمى، فهو مفتوح بابه لكل طبقات الناس، ومفتوح لكل العقول، ومفتوح لكل المطالب والمشارب والحاجات، وهو من أصعب الأعمال وأشدها تطلباً للصبر! وزاد على ذلك اللقاء الأسبوعي كل يوم اثنين في قصره العامر.
الأمر لا يُقتصر على استقبال الناس والبشاشة في وجوههم؛ بل يحتاج إلى عقل حاضر وانتباه دقيق لفهم الواضح والخافي من مطالب الناس، التي قد لا يستطيع أحدهم أن يصرّح بها.
فهنيئاً لهم الأجر في الآخرة! وهنيئًا لهم الحكم في الدنيا!