بقلم - ناتالي كيلي:
لا شكّ في أن أمريكا اللاتينيّة هي حلم المسوّق الحديث. وبحلول العام 2020، سيكون دولار من أصل عشرة في الاقتصاد العالمي قادمًا من أمريكا اللاتينية، وعمّا قريب، ستكون المنطقة مسؤولة عن 9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، بفضل 640 مليون عميل. إلى ذلك، تضم القارّة سوق الجوّال الرابع من حيث الحجم في العالم، وتتخطى مستويات الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي فيها تلك المسجّلة في الولايات المتّحدة. ولا شكّ في أن أمريكا اللاتينيّة، وبفضل مكانتها الرائدة على صعيد اعتماد الوسائل الرقمية والجوّالة، تعطينا فكرة عن كيفيّة انتشار التوجهات التسويقيّة الجديدة حول العالم.
في شركة «هابسبوت»، أجرينا استطلاعًا شمل 2700 مسوّق في أمريكا اللاتينيّة، وتناولنا موضوع التسويق الداخلي، القائم على لفت انتباه العملاء بالمحتوى المنقول عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيّات محرّك البحث الأمثل - في مقاربة أكثر فاعليّة على صعيد توليد المبيعات في حقبة الإنترنت، بالمقارنة مع الجهود التسويقية التقليدية القائمة على «الدفع» بالمنتجات في السوق. وتكشف بحوثنا أن وسائل التسويق الداخلية تناسب بشكل خاص الشركات الصغيرة والمتوسّطة. وتُظهر بعض النقاط البارزة كيفيّة تطوّر التسويق، ولا سيّما الداخلي، يتطوّر في أمريكا اللاتينية:
يُعتبَر التسويق الداخلي شائعًا. أعرب مسوّقو أمريكا اللاتينيّة المشاركون في الاستطلاع بغالبيّتهم الكبرى (86 في المائة) عن معرفتهم بالتسويق الداخلي، وقال 60 في المائة منهم أنّهم يمارسونه كلّ يوم.
تنتج عن استقطاب العملاء المحتملين تكاليف أقل. تنفق الشركات التي تعتمد تقنيّات التسويق الداخلي أموالاً أقل بنسبة 63 في المائة لاستقطاب عملاء محتملين جدد، بالمقارنة مع الشركات التي لا تفعل ذلك. ولعلّ السبب هو أن التسويق الداخلي يركّز جهود المسوّق على النفاذ إلى مشترين مهتمّين منذ الأساس. أمّا التقنيات الخارجية، فأغلى بكثير، وغالبًا ما تشمل إغراق السوق، بما يشمل عملاء ليسوا بالضرورة مهتمّين، برسائل هدفها استقطاب المشترين.
حتّى الآن، لم تصبح برامج أتمتة التسويق طاغية في السوق. في أمريكا الشماليّة، تعمد أكثر من شركة من كلّ ثلاث شركات على شراء برنامج أتمتة التسويق، التي تجعل بعض الإجراءات، على غرار إطلاق حملات البريد الإلكتروني التي تستهدف شرائح عملاء ضمن قاعدة البيانات، أوتوماتيكيّة، فتوجّه العملاء بالتالي نحو العروض التسويقية وتعمل على جمع بياناتهم.
بالمقارنة، تستخدم قلّة قليلة من شركات أمريكا اللاتينية اليوم البرامج التسويقيّة، ومن بين المشاركين في الاستطلاع، لم يورد إلا 3 في المائة ذكر الأتمتة كأحد أبرز أولويّات البرامج التي يستعملونها. وبدلاً من ذلك، يسلّط هؤلاء المسوّقون ضوءًا أكبر على استحداث المحتوى وتحسين محرّكات البحث. لماذا؟ في العادة، ينجح العملاء المحتملون الذين تمّ استقطابهم بفضل تقنيات التسويق الداخلية، حيث يبحث أحدهم أصلاً عن حل، في إبرام صفقات بسرعة أكبر من العملاء المحتملين الذين تمّ اجتذابهم باعتماد تقنيات تسويق خارجية.
يعتري المحتوى المرئي والمصوّر أهمية أكبر في أمريكا اللاتينية: أورد 17 في المائة من المسوّقين في أمريكا اللاتينية أنّهم يعطون أولوية للمحتوى المرئي والمصوّر، بالمقارنة مع 11 في المائة من نظرائهم في أمريكا الشماليّة. ومع ارتفاع مستويات اعتماد الجوّال ووسائل التواصل الاجتماعي في هذه المنطقة، من المنطقي أن تُعطى الأولوية لهذا النوع من المحتوى.
في عالمنا الحاضر المعتمد بصورة متزايدة على الإنترنت، باتت الشركات الصغيرة والمتوسّطة، التي تملك رأس مال أصغر من غيرها، أكثر نفوذًا من أي وقت مضى، ما يخوّلها الاستحواذ على حصّة سوقية أكبر من منافسيها، عبر توسيع نطاق تأثيرها بوتيرة أسرع ومقابل تكاليف زهيدة. أمّا الشركات العالمية، فلا تكتفي باعتماد التوجّه نحو التسويق الداخلي، لأنها تعمل أيضًا على توجيهه قدمًا.
(ناتالي كيلي - هي نائب رئيس شؤون التسويق في شركة «هابسبوت»)