إبراهيم السماعيل ">
لا يمكن أن يجد مخترع نظرية الفوضى الخلاقة التي تستهدف تفتيت الوطن العربي سلاحاً أكثر فتكاً بشعوب المنطقة وتفتيتاً لشعوب المنطقة العرب من هذا السلاح الرهيب الذي لا يرتب أي تبعات غير أخلاقية على مستخدمه، ولن يجد مخترع هذا السلاح الإجرامي المدمر أكفأ ولا أكثر استعداداً ورغبةً من الفرس ليكونوا أهم مكونات هذا السلاح الخبيث.
قد يكون ما أنا بصدد الحديث عنه الآن غريب بعض الشيء لدى البعض منكم لكنني أعتقد أنه يصف واقع الحال الذي نعيشه الآن الذي لا بد أن تُبنى عليه نظرتنا لما ينتظرنا ويحاك لنا في قادم الأيام إن لم نفعل شيئاً جدياً وحاسماً للحفاظ على ما بقي لنا من تماسك وننطلق منه لمقاومة هذا السلاح الرهيب وأدواته في المنطقة، وهذا يتطلب منا أولاً الشعور بأن معركتنا الآن هي معركة وجود لا خيار لنا فيها سوى الانتصار على كل مكونات هذا السلاح الإجرامي في الداخل والخارج.
إن وصفة سلاح الدمار الشامل التي أريد الحديث عنها تتلخص، فيما يجري الآن على أرض الواقع من تغليب صاحب نظرية الفوضى الخلاقة للأقليات في منطقتنا العربية ضد الأكثرية الساحقة تحت قيادة فارسية لن يجد مُختَرِع هذا السلاح الرهيب أفضل منها للوصول إلى أهداف الفوضى الخلاقة فالقيادة الفارسية لهذه الأقليات الطائفية هي إسلامية شكلاً وتتبنى شعارات إسلامية مضللة وتدعي باطلاً الدفاع عن القضايا الإسلامية والعربية وتحت هذه الشعارات الكاذبة نمت وترعرعت الرغبة الفارسية في الانتقام من الإسلام وأهله العرب، (وهنا تقاطعت رغبة الفرس التاريخية مع أهداف نظرية الفوضى الخلاقة).
هذا هو فقط نصف وصفة سلاح الدمار الشامل أما النصف الآخر فيتمثل في تسهيل بروز وتوظيف المنظمات الإرهابية لخدمة أهداف نظرية الفوضى الخلاقة ابتداءً من القاعدة في أوائل ثمانينيات القرن الماضي وصولاً إلى داعش اليوم وما تخبئه لنا الأيام القادمة بشأن المنظمات الإرهابية السنية قد يكون أكثر بشاعة وسوف نتحدث عنه لاحقاً.
إن الجماعات الإرهابية السنية والعصابات الإرهابية الطائفية الفارسية هما طرفي المعادلة لهذه الوصفة الرهيبة وكل منهما يكمل الآخر ويبرر وجوده ويعطيه ما يكفي من الذرائع الواهية المفتعلة للمزيد من البطش والإرهاب والإبادة والتضليل والكذب الذي نراه أمام أعيننا كل يوم، بينما صاحب هذا السلاح الإجرامي يقف متفرجاً مراقباً التزام كل مكون من مكونات هذا السلاح الشيطاني بالخطة المرسومة له في إطار نظرية الفوضى الخلاقة.
لا يمكن أن يكون هناك سلاح أكثر فتكاً وتدميراً للمنطقة وتفتيتاً لشعوبها من سلاح الفتنة هذا، كما لا يمكن أن يوجد من يقوم بهذه المهمة الفتنوية التدميرية القذرة أكثر رغبةً ومهارة من الفرس ولن يوجد أخبث من مخترع هذه النظرية الذي وظف رغبة الفرس التاريخية في الانتقام من الإسلام وأهله العرب لتنفيذ مخططاتهم، والفرس بدورهم وظفوا الطائفيين من عملائهم العرب والطائفية في أبشع صورها لتحقيق أهدافهم، وأكاد أجزم أنه لولا مساهمة الفرس الفعالة لَتَعَثَّر تنفيذ نظرية الفوضى الخلاقة في وطننا العربي.
وعودةً إلى الحديث عن المنظمات الإرهابية السنية، يكفينا هنا أن نتفحص بتمعن ما يجري في منطقتنا العربية من فتن وحرائق طائفية وما نتج عنها من تدمير شامل للمنطقة برمتها لندرك أن ما يجري ما هو إلا وصفة متكاملة خبيثة لسلاح دمار شامل أصاب المنطقة في مقتل، وقد يكون ما تحمله الأيام القادمة لنا أسوأ مما نحن فيه حيث إن ما يجري من تغليب للأقليات وقهر للأكثرية تحت شعارات طائفية فتنوية هو الوصفة المثالية لتفريخ عشرات إن لم يكن مئات المجموعات الإرهابية السنية التي لن تكون هذه المرة تحت سيطرة المستفيدين من هذه الفوضى الخلاقة كما هو حال داعش والقاعدة اليوم.
ولمن لا يؤمن بنظرية المؤامرة ويعتقد أنها مشجب نعلق عليه إخفاقاتنا وحجة نختبئ خلفها ها هي المؤامرة بكامل أركانها وشروطها أمامكم فكفوا عن خداعنا فقد سئمنا استغفالكم لنا واستخفافكم بعقولنا، فبعد أن احتل صاحب نظرية الفوضى الخلاقة العراق بالقوة الغاشمة وتحت ذرائع ثبت فيما بعد كذبها كلها بلا استثناء وبعد تفتيت الدولة العراقية وحل الجيش العراقي قام هذا المحتل بتسليم العراق إلى عملاء الفرس فيه وها أنتم الآن ترون نتائج هذه الجريمة في العراق، كلكم تذكرون كيف أجهض المجتمع الدولي ثورة الشعب السوري تحت ذرائع كاذبة ومضللة ومنها المحافظة على الدولة السورية ولاحقاً الخوف من الإرهاب وأدخلوا الشعب السوري في متاهات المؤتمرات والمؤامرات التي كان من نتائجها أن خلّفت أكثر من نصف مليون قتيل حتى الآن وأكثر من عشرة ملايين مهجر وأدت إلى كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل، والآن يقوم نفس هذا المجتمع الدولي بالتآمر على قضية الشعب اليمني وأيضاً على الشرعية اليمنية التي يعترف بها هذا المجتمع المنافق على الرغم من إصداره قرارات دولية تحت الفصل السابع ضد المعتدي على الشعب اليمني وعلى شرعيته إلا أن هذا المجتمع الدولي لم يبذل أي جهد يذكر لتطبيق هذا القرار وغيره من القرارات ضد المتمردين على الشرعية بل على العكس بدأ هذا المجتمع في محاولة إجهاض جهود الشعب اليمني وشرعيته المنتخبة، وذلك عن طريق إدخاله في مؤتمرات ومؤامرات شبيهة بما فعله مع الثورة السورية.
إذاً هي نفس الإستراتيجية التي ما انفك يستخدمها هذا المجتمع الدولي منذ أربع سنوات في الوقوف مع الجلاد ضد الضحية ومع الأقليات ضد الأكثرية.
وبمناسبة الحديث عن المؤامرة والمتآمرين لا بد هنا من استعادة ما قاله الشاطر حسن الذي هو جزء من هذه المؤامرة عندما اتهم كل من لا يسير معه ويوافقه على نظرية المؤامرة ضد محور الغدر والخيانة والعمالة الذي أسماه محور المقاومة الذي هو في الواقع أهم مكونات سلاح الدمار الشامل الجديد الذي تحدثنا عنه، فقد وصف الشاطر حسن الذين لا يوافقونه بأنهم عملاء وخونة وأغبياء وأنا بدوري أقول له إنني كذلك أتهم كل من لا يرى حقيقة نظرية الفوضى الخلاقة ولا يرى أن الفرس وأذنابهم في المنطقة من الأقليات مثله هم وراء كل الكوارث والدمار الذي حل باللبنانيين والسوريين والعراقيين واليمنيين والبحرينيين هو عميل للفرس وأداة لتحقيق أهداف الفوضى الخلاقة مثل الفرس تماماً وخائن لأمته وغبي.