ماجد بن عبدالرحمن الحمود ">
مع ازدهار وتطور الأمم, وتنوع العلوم والمعارف وتشعبها, وظهور تقنيات وإستراتيجيات جديدة لكل علم وفن؛ بات من الصعوبة بمكان إلمام المناهج بكل تلك العلوم والمعارف, ومن المستحيل قطعاً حشو أدمغة الطلاب بكميات هائلة منها، ومع إيماننا التام بأهمية تطوير المناهج لتسهم في تطور المجتمع ورقيه؛ بات لزاماً علينا إيجاد مناهج متنوعة ومرنة تناسب احتياجاتنا, وتستوعب كل جديد في عالم متغير ومتسارع وإبداعي.
والمتتبع لواقع مناهجنا الحالية يجد أنها حتى بعد تطويرها لا تلبي طموح التربويين فضلاً عن كونها تلبي طموح المجتمع بأسره, وحتى لو تم تعديلها وتطويرها وتحسينها في الأيام القادمة ستكون ناقصة أو عاجزة عن إقناع أغلب أفراد المجتمع؛ ذلك أن من يعدها أصلاً هم شريحة محدودة مهما كثروا من التربويين.
ومهما تنوعت العلوم والمعارف في تلك المناهج فهي ستخرج نمطاً متشابهاً من الطلبة في أرجاء الوطن كافة, ومن المعروف سلفاً أن نسبة نجاح أي تعليم تعتمد على قدرته في تنويع خبرات وقدرات ومهارات مخرجاته التي ستؤدي لتنويع خبرات ومهارات أفراد المجتمع ككل.
لذا بات لزاماً علينا إعداد مناهج مختلفة للطلبة في مراحل التعليم العام, بشرط اختلافها في كل منطقة تعليمية عن الأخرى لتحقق التنوع المطلوب. وبما أن اختلاف كل المناهج في المناطق التعليمية سيؤدي لتباين مستويات الطلاب وبالتالي صعوبة تحقيق العدالة في قبولهم بمؤسسات التعليم العالي؛ أعتقد أنه من المناسب وضع مادتين إضافيتين على المواد الموجودة حالياً (أو بدلاً عن بعضها) في كل صف دراسي حتى لا تؤثر على المستوى العام لطلاب الوطن, وتكون المادة الأولى منهما من إعداد أو اختيار الإدارات التعليمية في المناطق المختلفة للوطن, فيما تكون المادة الأخرى منهما من إعداد أو اختيار المدرسة نفسها. ولهذا الاقتراح فوائد عدة منها:
«تحقيق التنوع المطلوب في مخرجات التعليم في المجتمع, وذلك من خلال دراسة مواد مختلفة ومتنوعة بين المدرسة والمدرسة التي بجوارها, وبين كل منطقة تعليمية في الوطن.
«تعزيز أهمية دور الإدارات التعليمية في المناطق وإدارات المدارس, وذلك بتكليفهم بأدوار أخرى أكثر أهمية من مجرد تسيير العمل إلى إعداد أو اختيار المناهج المناسبة.
«إمكانية دراسة منهج أكثر ملاءمة للبيئة المحلية, وذلك من خلال دراسة منهج يناسب البيئة التي تقع فيها المنطقة التعليمية, ومنهج آخر يناسب البيئة التي تقع فيها المدرسة.
«إمكانية إعداد هذين المنهجين عن طريق مشرفي المنطقة التعليمة أو عن طريق المعلمين في المدرسة.
«إمكانية اختيار هذين المنهجين من مناهج معدة مسبقاً من الشركات التعليمية الداخلية أو الخارجية, والتي ستوفر الوسائل والتقنيات التعليمية المناسبة للمنهج بالإضافة لتدريب المعلمين عليه.
«فتح المجال للتنافس الإيجابي بين الشركات التعليمية لإعداد مناهج تناسب البيئة المحلية, أو مدرسة معينة.
«فتح المجال للتنافس الإيجابي بين الإدارات التعليمية, وبين المدارس, وذلك من خلال اختيارهم للمناهج المناسبة وتطبيقهم لها.
«تفاعل المدرسة مع البيئة المحلية والمجتمع وأولياء الأمور مما سيؤدي لنتائج إيجابية على العملية التعليمية قاطبة.
«إمكانية الاستفادة من مجلس أولياء الأمور باختيارهم للمادة التي سيدرسها أبناؤهم للعام القادم مثلاً.
«تفاعل المنهج مع احتياجات واهتمامات الطلاب وميولهم خاصة إذا أعد المنهج بمفهومه الواسع الذي يعني جميع الخبرات التعليمية التي تقدم داخل المدرسة أو خارجها.
«إمكانية التغيير أو الإضافة على هذين المنهجين حسب ظروف البيئة أو كلما دعت الضرورة لذلك بسهولة وبدون تعقيدات أو إجراءات بيروقراطية طويلة.
«إمكانية تصميم وإعداد المنهجين بالطرق والتنظيمات والنظريات الحديثة للمناهج, والاستفادة من التقنية في ذلك.
«تركيز هذه المناهج على مشكلات البيئة المحلية ومحاولة إيجاد طرق لحلها, وعلى احتياجات الطلاب وميولهم ومحاولة توجيهها بالشكل الصحيح.
«إثراء التعليم السعودي بالعديد من المناهج الجديدة والمتنوعة؛ مما يسهل على إدارة المناهج بالوزارة اختيار أكفأ معدي المناهج لإعداد المناهج العامة.
وللاقتراح العديد من الإيجابيات والفوائد مما لا يتسع المجال لحصرها.
- باحث تربوي ومختص في مناهج وطرق تدريس اللغة العربية عضو الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (جستن)
majedmnb@gmail.com