سامح عودة ">
كرائحة الأرض الطيبة. زعترٌ وريحان.. هم عنوان البراءة وعطر الربيع النضر، أطفال يحملون أحلامهم البريئة على الأكف ويمضون كرجال ٍ ذاهبين إلى الحرب يحملون ما تيسر من حجارةٍ « ومقاليع « علها ترهب عدوهم الذي أعد العتاد محاولاً إذلال العباد، أطفال البلدة كعادتهم نشؤوا حاملين رسالة الماضين وحلم الباقين، يتجمعون في كل زقاق وحارة وينطلقون على شكل مجموعات حاملين أعلاماً ترفرف، يمضون إلى مصير مجهول دونما خوف.
قدمت (كفر قدوم) نموذجاً حياً عن معاناة الأطفال الفلسطينيين تحت الاحتلال، وقد كان لافتاً استهدافهم من قبل قوات الاحتلال إما بالإصابة المباشرة أو بالاعتقال، مخالفين بذلك كافة الأعراف والمواثيق الدولية التي نصت على حق الأطفال في العيش بحياة آمنة، لهذا كرست قوات الاحتلال وخلال قمعها لمسيرة البلدة الأسبوعية، جزءاً لا يستهان من أجل قمع الأطفال لمنعهم من المشاركة في فعاليات المقاومة الشعبية التي بدأت تكبر يوماً بعد يوماً ككرة الثلج التي تهبط من علو جبل شاهق.
براءتهم المعهودة تحتاج لجو آمن ينسجون به أحلامهم أنى شاءوا، هذا الاحتلال البغيض حرمهم من أبسط حق وهبتهم إياه الحياة، نوم ناعم وحضن دافئ يلجئون إليه كباقي أطفال الأرض، يكون للطفولة لهم منه عنوان، ممارسات الاحتلال المتوالية أظهرت اضطراباً نفسياً وتبولاً لا إرادياً عند بعض الأطفال خاصة وأن مشهد الرصاص والإصابات تلاحقهم حتى في أحلامهم، المؤسسات الدولية التي عملت في البلدة وأكدت في تقاريرها أن الأرق يلاحق طفولتهم، نظراً لافتقادهم البيئة الآمنة والتي نغّص الاحتلال صفاءها.
يزرعون الشمس طهراً، وعلى جباههم تنمو بصيلات النرجس، اعتادوا أن يكونوا رجالاً في عمر الطفولة يحملون عبء الحياة قبل أن يشتد عودهم، ويواجهون العسكر بكل ما حملوا من براءة، تتهاوى ممالك محصنة أمام هذا العناد النقي، يخفقُ المطر الطاهر كطهارتهم جدران قلوبهم البريئة، وثقت وسائل الإعلام ما تشيب له الرؤوس من الظلم الذي وقع على أهل القرية ومواطنيها، فهذا الظلم الجائر لم يترك الأطفال في حالهم بل لازمهم كظلٍ أحمق، وحشٌ يلتهمُ غصن الريح الغض..!! من يغسل ظلام الليل الذي أطبق على عوالمهم البريئة، أظن أنهم ماضون في طريق دون يأس بأسهم أشدُ من بأس محارب عنيد..!!.
يوقظك حزنهم..
- فلسطين