خالد الدوس ">
لاشك أن نسيجنا المجتمعي يشهد اليوم تغيرات في أنماط الحياة الاجتماعية وتحولات اقتصادية وتقلبات ثقافية رهيبة نتيجة وتيرة التحديث والمعاصرة.. التي ألقت بظلالها على النظم الاجتماعية ومنها نظام الأسرة, والتي تمثل أهم مؤسسة تربوية في المجتمع لدورها البنائي والوظيفي في عملية الضبط الاجتماعي, حيث بات (النسق الأسري) في ظل هذه المتغيرات السوسيولوجية.. يعاني من مشكلات نفسية ومثالب اجتماعية وأسقام عاطفية. ومنها ما يعرف بـ( الانحراف الفكري لبعض الأبناء).. خاصة مع ثورة الاتصالات الرقمية وانفجارها التقني.. وظهور شبكات التواصل الاجتماعي «الفيسبوك - تويتر- الوتساب0مواقع الدردشة.. إلخ, التي باتت في واقعنا المعاصر تشكل جزءا مهما من حياة الشباب من كلا الجنسين الذين يتصفحون الانترنت ويستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي بمختلف إشكالها ومظاهرها برؤى واتجاهات فكرية متباينة.. وهناك بعض المخاطر ينبغي على الأسرة أن تقوم بدور الرقيب على أبنائها وحماية عقولهم وتحصين أدمغتهم من المواقع الالكترونية المشبوهة ومنابر الفتن التي تؤثر على الفكر والخيال والعاطفة والسلوك.. و يستخدمها أصحاب الفكر التكفيري والمنهج الشاذ في نشر الأفكار المتطرفة والآراء الضلالية.. وبث الدعوات التحريضية.. !!
وهذه التنظيمات الإرهابية وفروعها.. التي تقوم على ثقافة العنف والإقصاء, وإثارة الفتن والتدمير والتطرف والقتل وزعزعت امن واستقرار المجتمعات والعبث بالممتلكات العامة والخاصة.. تستهدف وعبر هذه المواقع الملوثة ومنابرها التكفيرية (صغار السن) من أبناء هذا الوطن الغالي.. لغسل عقولهم واختطاف أدمغتهم بعد تغريرهم بالأفكار الهدامة, وبالتالي تجنيدهم ليكونوا ضحايا للتفجيرات الدموية والعمليات الانتحارية.. ولذلك فإن (الأسرة) ومكوناتها البنائية التربوية.. تقع عليها مسئولية كبيرة في حماية أبنائها من الانحراف الفكري.. وعدم الانسياق وراء هذه الدعوات الإرهابية التحريضية.. خاصة وان هناك دلالات ومؤشرات على الانحراف الفكري والأخلاقي تظهر على بعض الأبناء منها التغير المفاجئ في الحالة العصبية والنفسية والاجتماعية وكثرة التوتر والتشتت الذهني وعدم التركيز والانتباه, وكذلك تعمد الجلوس فترة طويلة على الانترنت في أوقات نوم باقي إفراد الأسرة.. وفي مأمن عن أعينهم, والتأخر المتكرر ليلا خارج المنزل بدون مبرر واضح, إلى جانب الميل غير الطبيعي للعزلة والاغتراب عن إفراد الأسرة, والغموض في التعامل وعدم الوضوح, كما أن العزوف عن الدراسة وتأخر التحصيل العلمي, خاصة إذا كان الابن متفوقا في الأصل.. من مؤشرات الانحراف الفكري والأخلاقي,
- كم آلمنا وأحزننا في الحقيقة.. حادثتي مسجد القديح في القطيف, وجامع العنود في الدمام , وماقاما به مرتكبو هذه الأعمال الإجرامية المخالفة للقيم الإنسانية والإسلامية من أصحاب الفكر الضال.. وهم من أبناء بلاد الحرمين الذين غرر بهم وغسلت أدمغتهم بأفكار شيطانية.. من قبل أجندة خارجية حاقدة جعلتهم أداة لسحق أنفسهم وإزهاق أرواح الآمنين في محاولة فاشلة وبائسة لإشعال نار الفتنة واللعب بورقة الطائفية وتفكيك روابط الوحدة الوطنية.. يعانون من (خلل) وظيفي في التنشئة الاجتماعية والنفسية والعقلية والتربوية والعقائدية والأخلاقية.. وبالتالي وقعوا ضحية لأفكار مضللة وآراء هدامة.. ولاشك أن محاربة الأفكار المتطرفة ومجابهتها وعدم تداولها عبر المواقع الالكترونية وحماية شباب الوطن من لوثة الإرهاب.. تحتاج إلى صياغة إستراتيجية وطنية متكاملة.. تعني بالأمن الفكري والأخلاقي, والى جهود مشتركة (تنويرية) من مؤسسات التنشئة الاجتماعية, تنهض بقالب (التربية الأسرية الواعية) وترّسخ في السياق ذاته.. قيم الوسطية والاعتدال والتسامح والحوار ,ونبذ التطرف والعنف والغلو في الدين.. وهذا لايمكن أن يتحقق من دون تكاتف الجميع «أمنيا وتربويا وأسريا وإعلاميا ودعويا ومجتمعيا»
0وأخيرا وليس آخر تبقى التربية الأسرية المنضبطة للأبناء (صمام أمان) ضد الأفكار المتطرفة والآراء المنحرفة.. خاصة عندما تنتهج الأسرة أساليب التنشئة الاجتماعية وعملياتها البنائية التربوية.. التي يسودها مناخ من الحب والوئام، والتماسك، والتفاهم، والهدوء المصحوب بالوعي بكل أبعاد الموقف الاجتماعي داخل النسق الأسرة وخارجها من أجل المحافظة على قوامها بشكل يشجع أبنائها على أسلوب احترام الرأي. التعايش مع الآخر.، والمساواة بين الجميع، وأن يحترم الصغير الكبير، وأن يعطف الكبير على الصغير، ويتعامل الجميع دون تفرقة بين أفراد الأسرة، حتى يعيش الجميع في بيئة أسرية نقية خالية من الاضطرابات النفسية والمثالب الاجتماعية والإسقام الفكرية.