حنان الجعيدان ">
إن مهنة المحاماة من أعظم المهن العريقة على مر العصور والأزمان، فبها تنجلي كافة الكوارث المعدمة للحقوق، لتتكون رابطة العدالة والإنصاف.
المحاماة مشتقة من الدفاع والحماية، فالحماية مطلب لسائر البشر، والإنسان مؤتمن على جسده وروحه وسوف يُسأل عنها، قال جل في علاه: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (195) سورة البقرة، وقال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
والجدير بالذكر هنا أن الانسان عندما تعتريه مشكلة ما في حياته نجده يتخذ إحدى ثلاث صور: فقد يتواكل، حيث يلجأ مباشرة إلى شخص أو أكثر ليجد عنده الحل الأيسر فيطبقه بنفسه أو بواسطة غيره. وهؤلاء نجدهم غالبا لا وقت لديهم للتفكير وبذل الأسباب في السعي لإيجاد الحلول الممكنة، واعتمادهم على الغير يفوق اعتمادهم على أنفسهم، فتقل لديهم الثقة بالنفس، كما يهدرون الكثير من أموالهم بلا مبالاة مع انخفاض مستوى الربحية لديهم في مشاريعهم، فلا يتقدمون ولا يتطورون.
والبعض الآخر قد يتكاسل، فييأس ويستقبل تلك المشكلة منفردا ويستسلم إليها، دون الشعور بالأمل والقوة، ونجد أن هؤلاء دائما يقعون في مشكلات عميقة وبسيطة ولا يتقدمون، حتى وإن بذلوا القليل من المجهود في مواجهة تلك المشكلة إلا أنهم سرعان ما يعجزون فيتوقفون، وبالتالي يصبح من السهل على الغير أن يتمكن منهم ويسيطر عليهم بل ويخدعهم بشتى الوسائل الملحوظة أو المحبوكة.
بينما نجد في الوجه الثالث أن بعض الأشخاص قد يجتهد، ويطبق قوله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وقاعدة (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار) وقاعدة (ما ضاع حق وراءه مطالب)، قال الصفدي:
الجد في الجد والحرمان في الكسل فانصب تصب عن قريب غاية الأمل.
وهؤلاء غالبا إيجابيون متفائلون ومتطورون، قد يطول بهم المدى لحل المشكلة وقد يقصر وفي كلا الحالين لا يستسلمون، يبدؤون بأنفسهم أولا حتى يستنفذون كافة السبل الممكنة أمامهم، ثم يلجؤون إلى متخصص يعينهم بالمشورة وبأقل الخسائر الممكنة. قيل: إن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا، وأن تسعى وتجتهد في حل مشاكلك خير لك من أن تتواكل أو تتكاسل، لذا «كن محاميا عن نفسك أولا» وعندها ستجد نفسك متخطيا لعدة عقبات فتكتسب كل أو بعض ما يلي:
1- المرونة في مواجهة المشكلات وعدم اليأس والاستسلام إليها.
2- توسيع النطاق الثقافي والمعرفي في التعرف على أكثر المشكلات وتقليلها شيئا فشيئا إلى أن تنعدم.
3- القدرة على حل المشكلات وتلافيها بنفسك مستقبلا فتحتفظ بمالك وجهدك ووقتك.
4- تكوين علاقات عامة واسعة تخدمها وتخدمك فيما يسترعيكما من أمور.
5- منحك القوة والجبروت في ردع كل مخادع أو متحايل يتعامل معك.
6- معرفة ما لك وما عليك واتباع قاعدة «لا أحد يعذر بجهل القانون».
ومما لا شك فيه أننا في بلاد حماها الله سبحانه وتعالى أولاً، ومن ثم على يد والدنا خادم الحرمين الشريفين أيده الله ورعاه، في دولة تنادي بالعدل والإنصاف دوما، فمنهج الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما ديدنها، يستطيع الجميع أن يرجع إليهما في إحقاق حق له وإزهاق باطل اعتراه، بل وأكثر من ذلك فقد وجدت الأنظمة المستمدة من كتاب الله والسنة المطهرة لتكون قوالب محددة تنظم وتفند الحقوق والواجبات وتردع مخالفيها والمعتدين عليها بما يحقق المساواة والعدل لسائر المواطنين والمقيمين على حد سواء، بل وتيسر التنظيمات في الأعمال المتعلقة بالشؤون الأخرى على المستوى العام والخاص للفرد والمجموعة، وقد أكد على ذلك النظام الأساسي للحكم في المادة الثامنة منه التي تنص على «يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية».
من ذلك كله، نجد أن أقرب معين لك بعد الله عز وجل هو المحامي الملمّ بالشريعة الإسلامية والأنظمة المعمول بها، والذي يكرس جلَّ اهتماماته لك ويبذل الوقت والجهد لحمايتك، فلا تتردد في اللجوء إليه عندما تضيق بك السبل، لأنه حتماً سيكون لك سراجا منيرا في الاستشارات وكافة القضايا.
- الأخصائية القانونية