عبدالرحمن المشايخ ">
دار الموسوعات السعودية للدراسات والتوثيق والإعلام
برهن الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد خلال الفترة القصيرة الماضية ومنذ أن وقع عليه الاختيار لتولي هذه المسؤوليات الجسام، أنه صاحب إرادة صلبة وقرارات حازمة ورؤية واعية للوطن حاضره ومستقبله سلماً وحرباً، وبدا واضحاً أن هذه الإرادة وتلك الرؤية على قدر تطلعات مواطنيه وهمومهم، وأنها نابعة من قراءته الشاملة وإلمامه التام بكل ظروف وأوضاع الوطن على امتداد رقعته وتنوع مقدراته ومشكلاته. وهو ما دعا الشعب الذي لم يكن، حتى وقت قريب، يعلم الكثير عن محمد بن سلمان وتابع صعود نجمه دون أن يلم بمسوغات اختياره لهذه المسؤوليات الكبرى، إلى مزيد من الثقة في هذا الاختيار بعدما تلمس بوضوح قدرات وخبرات القائد الجديد وسمات القيادة والحنكة والنبوغ لديه، وبات أكثر اطمئنانًا لتبوأ هذه المكانة. وكما صعد نجمه سريعاً، تضاعفت بالسرعة نفسها مكانته لدى قلوب أبناء الشعب السعودي بكل فئاته وخاصة شباب هذا الوطن الطامح لإحداث تحولات واستراتيجيات تستوعب رؤيتهم المتطورة وتصوراتهم الطموحة للقفز بالوطن للإلمام واستيعابهم في مسيرة هذا التحول.
وفي الجانب العسكري وبصفته وزيراً للدفاع جاءت عاصفة الحزم لتمثل اختباراً حقيقياً لكفاءة محمد بن سلمان وكفايته القيادية، بل ووضعت إمكاناته وقدراته العسكرية على المحك فتجاوز هذا الاختبار بنجاح لافت، حيث قاد الحرب بكل إصرار وشجاعة وهمة عالية وكفاءة خططية وقتالية ووجود مستمر على مدار الساعة في غرفة العمليات للمتابعة والإشراف على الخطط والعمليات والطلعات الجوية وأهدافها ومساراتها، كما قاد مساراً دبلوماسياً موازياً من خلال مفاوضاته وجولاته المكوكية لدول التحالف وغيرها من الدول لشرح الموقف السعودي وسير العمليات على الأرض، وقد أسهمت هذه المجهودات العسكرية والدبلوماسية في تحقيق أهداف عاصفة الحزم بسرعة فائقة ومن ثم الانتقال إلى عملية إعادة الأمل بعد أن جردت الحوثيين من قدراتهم العسكرية والقتالية وبثت الإرادة وأحيت العزيمة والأمل لدى المقاومة اليمنية لتوحيد صفوفهم والذود عن أراضيهم.
كما بدا الجانب الإنساني لدى الأمير محمد بن سلمان واضحاً من خلال رعايته ومعاملته لأسر الشهداء وذويهم، وحرصه على كفكفة دموعهم ولملمة جراحهم وجبر كسرهم، حتى إن رعايته هذه شملت كافة الجنود المشاركين في عاصفة الحزم من قوات التحالف كافة وليس السعوديين فقط. وهكذا هي الحروب تبرز قدرات الرجال الأفذاذ وسماتهم القيادية وردات فعلهم الإنسانية في أحلك الظروف والمواقف.
هذا على صعيد جبهة القتال أما في الداخل فقد أثبت ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال الفترة القصيرة الماضية أنه صاحب رؤية تنموية شاملة وفكر اقتصادي مستنير انعكس في جملة القرارات التي صدرت عن المجلس الاقتصادي والتنموي، الذي يترأسه سموه، ومن خلال ما تبناه من خطط وإستراتيجيات وقرارات اقتصادية عاجلة على صعيد إعادة هيكلة بعض أجهزة الدولة وتحسين وتطوير التشريعات الاستثمارية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن.
ورغم حداثة عهد الناس بهذا المجلس إلا أنهم يعلقون عليه آمالاً كبيرة لما وجدوه لدى الأمير محمد بن سلمان من إرادة إصلاحية وتنموية وتحدٍ ورغبة في وضع الحلول الجذرية للعديد من المشكلات المستعصية للمواطن السعودي خاصة مشكلة الإسكان.
والواقع أن هذه المؤهلات والقدرات التي لمسها المواطنون لدى الأمير محمد بن سلمان هي حصيلة تراكمات من الخبرات والصفات التي اكتسبها من مدرسة سلمان بن عبدالعزيز الرائدة في تربية الأجيال وصناعة الرجال، فمن تربى في مدرسة سلمان هذا القائد الزعيم والزعيم التاريخي المحنك، لا بد أن تظهر لديه سمات النبوغ والقيادة مبكراً، فكيف بمحمد بن سلمان الذي لا يفارق كنف والده، واقترب من أعلى دائرة صنع القرار، بل كان في قلب هذه الدائرة بقربه من والده، وقد تشرب منه صفات الحزم والانضباط واحترام الوقت، فالملك سلمان وبحسب ما هو معروف عنه قدوة في الانضباط الصارم بساعات العمل والإخلاص في أدائه على أكمل وجه، وسمو الأمير محمد بن سلمان من أولئك الذين تمكنوا من الفوز بثقة خادم الحرمين الشريفين كأعلى وسام يمكن أن يحصل عليه العاملون مع سموه، ولأن ثقة الملك سلمان ليست تشريفًا بقدر ما هي تكليف، فقد عهد إليه خلال السنوات القليلة الماضية بالكثير من المهام التي لا تقبل التقصير وقام بها محمد بن سلمان خير قيام.
لقد تعززت ثقة الشعب السعودي في قدرات وإمكانات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتعززت بالتالي ثقتهم بمصير ومستقبل هذا الوطن وهو يمر بمرحلة انتقال الحكم من جيل أبناء المؤسس إلى جيل الأحفاد.