د. محمد أحمد الجوير ">
كان (الإعلام التقليدي) في الماضي القريب، هو المصدر الوحيد للمعلومة، نجد أنفسنا، متسمرين أمام شاشات التلفاز، ومع المذياع، وما تزودنا به الصحف الورقية، هذا بالنسبة للمعلومة الدقيقة والمطلوبة في مختلف الشؤون، وبالذات ما يتعلق بالشأن السياسي، أما اليوم فبالكاد نحرص على أخبار التلفزيون، ونحصر اهتمامنا، إن حدث في يوم الاثنين، لنقف على أخبار مجلس الوزراء، لمعرفة ما فيها من أخبار وبشارات، وخاصة ماله علاقة بالشأن المحلي، وكذلك الحال للإذاعة والصحف الورقية، باعتبارها وسائل إعلامية رسمية وشبه رسمية، يعتد بأخبارها نوعاً ما، لكن في هذا العصر الثوري بكل اتجاه، ثوري سياسي، وثوري معلوماتي، أطلّت علينا وسائل إعلام تقنية حديثة، سرقت الأضواء من الإعلام التقليدي، وباتت حاضرة في شتى المشاهد، ولاعبة ومؤثرة، نرى نتائجها إن هي إيجابية أو سلبية، وإن كانت للسلبية، هي أقرب من حبل الوريد، والشواهد أمامنا لا تحتاج إلى كبير دليل، استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي أن تثير الشعوب على حكامها، واستطاعت أن تسقط حكاما أشبه بالطواغيت، ولا زلنا نراها، تعبث بحياة البشر، وتفرق وتؤلب وتشحن الشعوب على حكامها حتى الصالحين منهم، لا لشيء سوى أنها كانت محضناً للمتربصين وللشياطين وللحاقدين، ولكل عدو لا يريد الخير للبشرية، بقدر ما يعشق الخراب والدمار، تعالوا معي لنحوم فقط حول موقع « تويتر» بالذات الذي بات «جامعة مفلوتة» تحوي كل التخصصات، ومأوى أفئدة كل التوجهات، ومنبر من لا منبر له في الوسائل الأخرى، لاسيما التقليدية، استطاع أن يمنح شهادات، مزورة لفئات من البشر، بدليل أننا نراهم، باتوا، خبراء في كل فن، وأعمارهم لا تخولهم لقيادة السيارة، فما بالك بقيادة جيش في تويتر، يحوي عقولاً غضة، هي للعجينة أقرب، مما جعلها، طيعة في أيدي هؤلاء الخبراء، والدعاة، والشيوخ، ومفسري الرؤى، المزورين، تويتر، بات منبراً مخيفاً، تُداول فيه المقاطع المخلة في الآداب، ومقاطع تقطيع الرؤوس، وتُداول فيه الإشاعات المغرضة في كل اتجاه، ما يهمني في هذا المقال، هو مالفت انتباهي ولربما انتباه الجميع من رواد موقع التواصل الاجتماعي « تويتر» من ذلك العدد الكبير للمعرفات، التي تحمل أسماء وهمية، أو ألقاباً ثورية أو كنى، لعدد من الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم أجمعين، هذه المعرفات الوهمية، يتخفى تحتها، أتباع التنظيمات الحركية الضالة، خفافيش الظلام، كالقعدة، وداعش، والنصرة، وحزب الله والحوثي في اليمن، وغيرها مما لا يخفى، وزارة الداخلية أفادتنا ببياناتها التي تترى، جراء قبضها على بعض أفراد الفئة الضالة الذين ارتكبوا جرائمهم داخل الوطن وبتعليمات وتوجيهات من تنظيم داعش الإرهابي، أفادتنا بوجود معرفات حركية، تتبع لهذا التنظيم الإرهابي وذاك، بأعداد كبيرة، دواعش هذا العصر، لما لم يجدوا لهم طريقاً ومنبراً في وسائل الإعلام التقليدي، وقد ضيق الخناق عليهم، لم يجدوا بدّاً من الاختباء في تويتر، ليتخذوه هم ومن على شاكلتهم وكراً لهم، ليبثوا أراجيفهم وأباطيلهم وإشاعاتهم وأكاذيبهم، للدهماء والرعاع في مجتمعات الدول (الهدف) ومنها بالذات بلادنا، وكما لاحظنا من خلال بيانات الداخلية وخاصة بعد القبض على يزيد أبونيان، ونواف العنزي، كيف زُرع الاثنان، وتلقيا التوجيهات، لتنفيذ جريمتهما الشنيعة، ونحن قبل بيانات الداخلية، قد لاحظنا وجود هذه المعرفات، وكيف كان هجومها على مخالفيها في التوجه، بمجرد الإنكار على تنظيم داعش الإرهابي أو أحد أتباعه أو المنظرين له أو المتعاطفين معه في الداخل، تهديدات متنوعة من أصحاب هذه المعرفات، لكل صاحب تغريده أو مقال، ينكر أفاعيلهم الإجرامية وتوجهاتهم وأجنداتهم الشيطانية، وبقدر ما كان الخوف من تنامي هذه المعرفات، وما تحمله من سموم على شباب الوطن، بقدر ما كان الارتياح، عندما حذرت وزارة الداخلية، أصحابها، وأنها ستتبعهم وستلاحقهم وستكشفهم وسينالون منها، أشد العقاب، وهذا التعاطي من وزارة الداخلية، يؤكد الشفافية الإعلامية لهذه الوزارة، وفي ذات السياق، يؤكد خطورة مثل هذه المواقع وتويتر بالذات في استهداف الشباب السعودي وتجنيده في صالح هذه التنظيمات الحركية وخاصة داعش، التي تحظى بتعاطف كبير، بين شريحة مختلة عقلياً، ضعيفة الإيمان والتربية والولاء والانتماء، هذه التنظيمات الحركية وعلى رأسها داعش، نراها قد انتقلت لمرحلة إرهابية جديدة في تعاطيها مع أجنداتها، جعلت «تويتر» عشاً لها، تصطاد فيه صغار السن، وهو ما نشاهده بالفعل، ويزيد أبو نيان، مثال حاضر لهذا التوجه الإرهابي الخطير، عندما تتأمل في أعمار هؤلاء الشباب، توقن أنهم لم يتوجهوا قبلاً لمواطن القتال والصراع والتجنيد، كأفغانستان والعراق مثلاً، التي عادة ما تنشط فيها، مثل هذه الجماعات، إذن نحن والحالة تلك، أمام مرحلة خطيرة جداً، يجند فيها الشباب مادياً وفكرياً من خلال بوابةتويتر» الخطيرة، وهو ما أشارت إليه بيانات سابقة للداخلية، قد حذرت من معرفات وهمية، تدار من خارج السعودية أعدادها بمئات الآلاف، في حين من يديرونها حقيقة، أشخاص وجهات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بات موقع «تويتر» عشاً ووكراً، للإرهابيين، ويأتي في مقدمتهم الدواعش، الذين وللأسف، انساق خلفهم، شباب غض، يغلب عليه الجهل، قد لا يحسن أداء الوضوء للصلاة، حفظ الله الوطن وقيادته من كل سوء..ودمتم بخير.