عبدالرحمن بن محمد بن إبراهيم الريس ">
الحمد لله ذو المُلْك والملكوت، والعِزَّةِ والجبروت، الحيِّ الذي لا يموت، قاهرِ المتجبرين، وجابرِ المنكسرين، ومجيبِ دعوةِ المضطرين، إلهٌ إنْ أَطَعْتَهُ أدناك، وإن توكَّلْتَ عليه كفاك، وإن دعوتَهُ لبَّاك، وإن تُبتَ إليه قَبِلَك وارتضاك، نحمده على ما أولاه من الإحسان، ونشكره وقد تأذَّن بالزيادة لأهل الشكران، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المَلِكُ الدَّيَّان، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الدّاعي إلى الجنان، والمبعوثُ رحمةً للإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا.
إخواني: اعلموا أن الصيام عبادة عظيمة، ينبغي للمسلم أن يتعلم بعضًا من أحكامه، ويحذر أن يقع في بعض أخطائه، وسأذكر بعضًا من الأمور التي ينبغي للصائم أن يتنبه إليها:
1- التفريط في أداء الصلاة مع الجماعة، كصلاة الظهر أو العصر أو الفجر لِعُذْرِ الكسل أو النوم أو الانشغال أو غير ذلك.
2- عدم حفظِ اللسانِ في نهارِ الصيام ولَيْلِهِ من اللغو والرفث وقول الزور والكذب والغيبة والنميمة وغيرها، في رمضان وفي غيره، وهذا خطأ كبير وأمرٌ عظيم ينبغي أن نتنبه له.
3- الغفلة عن الدعاء أثناء الصيام، خصوصًا عند الإفطار؛ فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد، وينبغي الحرص على الدعاء في الأوقات التي ترجى فيها الإجابة مثل: الدعاء بين الأذان والإقامة، وفي ثلث الليل الآخر، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
4- يلاحظ في أول الشهر النشاط وكثرة المصلين والحرص على قراءة القرآن، ثم يبدأ الفتور والنقص شيئًا فشيئًا، مع أن العشر الأواخر لها مزية على أول الشهر وفيها ليلة القدر.
5- التهاون أو التفريط في أداء صلاة التراويح مع الجماعة، وهذا المتهاون قد ضَيَّع على نفسه خيرًا كثيرًا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه أبو داود]، يعني: يكتب له أَجْرُ مَنْ قام الليل كلَّهُ، حتى وإن كان نائمًا على فراشه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
6- التهاون أو التفريط في صلاة القيام التي خُصت بها العشر الأواخر من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مِئْزَره وأحيا ليله وأيقظ أهله.
7- إضاعة الأوقات الشريفة في اللهو واللعب ومشاهدة ما لا يجوز مشاهدته.
8- التفريط في المحافظة على الأعمال الصالحة في رمضان؛ كنوافل الصلوات المفروضة وقراءة القرآن والأدعية والأذكار وغيرها من الأعمال الصالحة، والتي فيها تربية للنفس على الاستمرار على هذه الأعمال الصالحة في رمضان وبعد رمضان.
9- الغفلة عن سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان طلبًا لفضل الله وثوابه وإدراك ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، مع أنها من السنن الثابتة بالكتاب والسنة.
10- بعض النساء يأتين إلى المسجد لصلاة التراويح أو القيام ومعهن أطفالهن الصغار فيجتمع الصغار في المسجد، منهم من يلعب، ومنهم من يعبث، ومنهم من يبكي، ولا شك أن هذا يسبب تشويشًا على الناس في الصلاة، بل هو أذيَّةٌ لهم وقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب:58].
والأولى والأفضل أن تصلي المرأة في بيتها، ولكن النساء يحضرن إلى المسجد لأنه أنشط لهن على العبادة، ولكن إذا ترتب على حضورها مفسدة فالأولى عدم حضورها، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فلنتنبه لذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجلُ راعٍ في أهل بيته ومسؤول عن رعيته...» الحديث [متفق عليه].
اللهم وفقنا للعمل بما يرضيك، وجنبنا أسباب سخطك ومعاصيك، واجعل عملنا مقبولًا، وسعينا مشكورًا، وذنبنا مغفورًا، وعافنا واعف عنا، اللهم اجعل شهرنا هذا شهر خيرٍ وبركة، وأعنا فيه على طاعتك، واجعلنا فيه من المقبولين واجعلنا من عتقائك من النار يا رب العالمين، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.