محمد عبدالله فايز ">
عندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أيّده الله - زعيم الحكمة والحسم والنجاح - مقاليد حكم المملكة، بادر وبعزيمة قوية ورؤية استراتيجية ثاقبة باتخاذ قرارات حاسمة ذات أهمية قصوى للمملكة والمنطقة - معروفة للجميع -، غايتها (الانتقال بالمملكة لمستوى أعمق وأرفع من الإصلاح والتطور والتحصين الأقوى لدحر الأخطار الموجّهة لها ولأشقائها بالمنطقة)، وحظيت تلك القرارات بتأييد واسع وبدأت بشائر أهدافها المنشودة واقعاً ملموساً، ويُتوقع لها آثار قوية واسعة وبعيدة المدى، ومن أهم تلك القرارات تشكيل مجلس للشؤون السياسية والأمنية للشؤون الاقتصادية والتنمية، وتتركز مهامهما على رفع كفاءة أداء تلك القطاعات وتطويرها، ولضمان تحقيق هذه الرؤية الحيوية بمستوى احترافي رفيع يرقى لطموح القيادة والشعب ولضخامة النفقات على تلك القطاعات، فإني أرى من المهم للغاية دعم كلٍ من المجلسين بإنشاء «مركز كفاءة الأداء» يرتبط به للقيام، بما يحتاجه من مهام استشارية ورقابية عالية الجودة تقتضيها جسامة وكثرة وتعقيد مسؤولياته وأعماله الخاصة به وبالجهات التابعة لها، وضخامة تكاليفها وسعة نطاق آثارها، ومعلوم للمهتمين أنه يوجد أكثر من (300) مركز كفاءة الأداء في (168) دولة، ومنها (93 في الولايات المتحدة - 145 في دول الاتحاد الأوروبي - 58 في كندا واستراليا وكوريا الجنوبية - 3 في إيران)، وترتبط بالقيادات العليا للقطاعات الأهم ويعمل فيها علماء وخبراء وباحثون بارزون للمبررات الموضحة أعلاه، ولا يخفى أن مستوى الأداء العام لكثير من أجهزة الدولة بعيد عن المستوى المنشود وعن حجم النفقات الباهظة، لأسباب وعوائق مزمنة معروفة وتقتضي التركيز على معالجها جذرياً، ومنها (ضعف تأهيل وإدارة الموارد البشرية - ضعف تطبيق الأسس العلمية والأنظمة في العمل - المركزية والبيروقراطية الشديدتان - ضعف الرقابة مما يُسهل الفساد الإداري والمالي - قلة تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة).
إن توفر الكفاءات المميزة المخلصة والإمكانات الضخمة وتفاقم التحديات الخطيرة الموجهة للمملكة، يُعد أقوى المحفزات لتنفيذ رؤية قائد مسيرتنا المظفر الملك سلمان، وبمؤازرة سمو نائبيه الأمينين الفذّين وفريقهم الوزاري رفيع المستوى والفاعلين من المواطنين الداعمين بقوة لقيادتهم، ولطموحاتها الرامية لتحقيق أهداف تطويرية قياسية تليق بمسؤوليات المملكة وقدراتها الهائلة، كما فعلت بعض الدول في آسيا وغيرها التي حققت تقدماً مذهلاً في مرحلة قصيرة بقيادة قيادات كفؤة ذات رؤية وأهداف طموحة وإرادة قوية. وانطلاقاً مما تقدم، أقترح إنشاء المركزين المذكورين من الخبراء والمستشارين والباحثين المبدعين للقيام بمهام بالغة الأهمية للدولة ومنها:
أولاً: تقديم الرؤى وإعداد الدراسة المستفيضة للتوجهات والسياسات والمواقف والقرارات الاستراتيجية التي ترغب القيادة السياسية اتخاذها لتحقيق أهداف ومصالح عليا للدولة.
ثانياً: تقويم الرؤى والدراسات والتقارير الخاصة بالشؤون الهامة لقطاعات الدولة، وإبداء الرأي عن مدى جودتها وما قد يكون لازماً لصقلها وإكمالها أو تعديلها، ومن أمثلتها:
1 - الرؤية والاستراتيجية الوطنية للدولة وغاياتها - الاستراتيجية والسياسة العليا لكل قطاع أساسي.
2 - الأهداف والمشاريع والخطط والميزانيات الكبيرة للقطاعات المختلفة.
3 - التدابير والقدرات اللازمة لتحصين المملكة ضد الأخطار التي تهددها.
4 - القضايا والقرارات الاستراتيجية الأخرى.
ثالثاً: المتابعة والتقويم للتحقق من مستوى كفاءة أداء القطاعات لمهامها، بما يكفل تحقيق مستوى أرفع من أسباب وشروط الحياة الكريمة والتطور والمنعة، وفي مقدمتها:
1 - العناية بترسيخ حُسن ووسطية العِلم والدعوة والعمل بعقيدة وشريعة الإسلام وأخلاقه السمحة في شؤون المجتمع والدولة، باعتباره أقوَم منهج لتحقيق أسمى الفضائل وأعظم المصالح والمنافع والوقاية مما يُضادها.
2 - ترسيخ العمل بمقتضى مبادئ وقيم وأسباب الرقي المقررة في الإسلام وفيما يتفق معه، وفي قدمتها (مبادئ العدل والحرية والمساواة والحوار والشورى - مبادئ العلم - حُسن وجودة تأهيل واستثمار الموارد البشرية والمادية - النظم القانونية الحديثة - محاربة الظلم والفساد).
3 - الإفادة بقوة من التجارب والخبرات المتقدمة لإحداث تطوير ينتج مخرجات عالية الجودة في مجالات (التربية والثقافة - التعليم - التدريب التقني - الأبحاث).
4 - ترشيد وتطوير سياسة ومضامين وأساليب وأداء أجهزة الدعوة والثقافة والإعلام لترقى لمقتضى رسالة ومقاصد الإسلام ومكانة ومصالح المملكة.
5 - تشكيل مجلس تنفيذي أو لجنة عليا بكل وزارة وجهة كبيرة، ودعمها بالكفاءات العالية، لأن قدرات القيادة الفردية محدودة وسلبياتها كبيرة.
6 - إنشاء وزارة للشباب بجنسيهم الذين يمثلون نحو (60%) من المجتمع، لاستثمار أوقات فراغهم لتحقيق فوائد أساسية لهم ولمجتمعهم، ومنها (ترشيد وتطوير ثقافتهم ومواهبهم وخبراتهم - حُسن ممارسة هواياتهم وترفيههم - تقوية إيجابياتهم ومعالجة سلبياتهم - تجنيبهم ومجتمعهم كثيراً من المشاكل الخطيرة).
7 - إنشاء مراكز متقدمة للدراسات والبحوث للمجالات الحيوية.
رابعاً: المتابعة والتقويم للتحقق من كفاءة تدابير وقدرات الأجهزة الأمنية والدفاعية والخارجية لأداء مهامها بكفاءة عالية. وبناءً على تحليل التحديات والأخطار الجسيمة غير المسبوقة التي تواجهها المملكة، أرى أنّ المملكة بحاجة ماسة للغاية آنيا لإكمال وتطوير تدابير وقدرات أقوى تأثيراً وحسماً، ومنها ما يلي:
1 - تعزيز القدرة الدفاعية بالآتي (تشكيل وحدات برية وبحرية وصاروخية كافية للحاجة - امتلاك وتصنيع أسلحة أقوى فاعلية وردعاً - تشكيل قوات احتياط قوي).
2 - تطوير تدابير متكاملة تحقق أفضل وقاية ومعالجة للأسباب المهددة للنعم والأمن (التطرف والإرهاب، الفتن الطائفية والسياسية، المعاصي والفساد).
3 - التطوير النوعي الأفضل لإمكانيات وأداء الأجهزة الخارجية، ومنها جهازا الدعوة والإعلام، لتوازي مسؤوليات ومصالح المملكة والأخطار التي تهددها.
4 - إيجاد آلية احترافية لتحقيق الأهداف المنشودة من المساعدات الخارجية.
5 - ترسيخ التعاون مع الدول العربية والإسلامية الفاعلة وتعزيزها بإنشاء منظمة للمصالحة وحل الخلافات ومنظمة حلف عسكري للدول الراغبة.
6 - ترقية العلاقة مع عدة دول قوية داخل وخارج المنطقة لمستوى اتفاقيات دفاعية.
هذا ونسأل الله تعالى أن يحمي المملكة من كل شر ويزيدها من كل خير.