ضائعون في الفضاء ">
يشعر بالعجز عن إشغال الدقائق التي تتمطى مع نبرات الساعة، كل شيء يشعره بالملل؛ يزيد سآمته أنَّه لا يعرف متى سيعود الاتصال بالإنترنت، يمسك هاتفة المحمول، يقرّبُه من عينيه، يعيده إلى موضعه. يطلُّ من النافذة، يدير نظره في واجهات البنايات، يرقب السيارات تعبر الشارع، يغلق النافذة، يمُدُّ يدَه إلى رَفِّ الكتب، يُغريه عنوان أحدها «موجز تاريخ كل شيء تقريباً» تأليف: بيل برايسون، ينتزعه، ويتمدد على الكنبة المقابلة لمكتبه.
شرعَ في تصفحه وهو يأمل ألا يطول انقطاع الاتصال، قرأ تعريفاً بالمؤلف، والكتاب، وضعه جانباً وتناول هاتفه، لا يزال الاتصال غائباً، وضع الهاتف وتناول الكتاب مجدداً.
(ضائعون في الكون)، ترى من هم؟ نظرة أخرى إلى شاشة الهاتف، آخر رسالة منذ نصف ساعة، نكتة نصف عارية، قرأها فلم تكن مثيرة للضحك كما كانت من قبل، يبدو أن كل الرسائل تصلح لقراءة واحدة فقط.
«إنهم جميعاً في الطائرة نفسها، وكلهم يدورون في الاتجاه نفسه.. عالم فلك يصف النظام الشمسي»، ترك الكتاب، تناول الهاتف، يعود للكتاب: «لماذا البروتون في غاية الصغر؟» تستهويه الأسئلة التي يطرحها المؤلف، ويختبر من خلالها ذكاءه، ثم يقرأ إجابة المؤلف، سؤال ثانٍ فثالث، لا يَكفُّ هذا المؤلف عن طرح الأسئلة، أنساه تعاقبُ الأسئلة انقطاعَ الاتصال؛ افتراضات مدهشة، وحقائق مقنعة. نسي كل شيء حوله، وضاع مع النجوم والمجرات في الفضاء الذي لا تُعرف له حدود.
انهالت من هاتفه رنات الرسائل التائهة في الفضاء منذ انقطاع الاتصال، تحولت عيناه عن الكتاب إلى الهاتف، تذكر انقطاع الاتصال، وضع الكتاب على حافة المكتب، تناول هاتفه، ليجد مئات الرسائل الواردة، لم يشعر بحماس كبير تجاهها، ولكنه سيقرؤها ويعلِّق عليها..
- إبراهيم مضواح الألمعي