فكر الاستقطاب ">
إن المتأمل في واقع عمل المنظمات الرياضية السعودية سواء اتحاداتنا الوطنية أو أنديتنا من ناحية التعامل مع الموارد البشرية من لاعبين ومدربين وفنيين وإداريين وغيرهم من المختصين ليجد نفسه أمام مشهد غريب وغير مفهوم!!
تعاقدات بطريقة غريبة.. وإنهاء عقود بطريقة أغرب.. والخاسر الأول هو خزانة هذا الاتحاد أو ذلك النادي.. والقائمة تطول في سلم الخاسرين ..
ويأتي اللاعب في مقدمة تلك الموارد باعتباره أحد العناصر الظاهرة أمام المتابعين والمهتمين وأبرز الأدوات التي تدخل في حيز المنافسة مع الآخرين..
تبدأ المشكلة بآلية تحديد الاحتياج ثم طريقة الاختيار مرورا بأسلوب التعاقد وبالطبع لن تنتهي بصياغة العقود..
إجراءات وتعاملات تتم بطريقة عجيبة أبعد ما تكون عن المنهجية!!
وهنا نقف لنتساءل؟!
هل تم ربط عملية اختيار هذا العنصر وفق رغبة شخصية صرفة أم أنها رغبة عامة لصانعي القرار؟
هل قمنا بتحديد الحاجة المرجو تحقيقها من هذا العنصر؟
هل العائد المتوقع من هذا العنصر يوازي حجم الصرف المخصص له؟
هل مخزوننا الذاتي من اللاعبين الاحتياط أو الفئات السنية لا يحتوي على البديل الأنسب لسد هذه الحاجة؟
هل لوجود هذا اللاعب أو ذلك المدرب قيمة نوعية تتماشى مع أهداف المنظمة؟
هل تأكدنا من ملائمة هذا العنصر بدنيا وأخلاقيا وفنيا؟
هل قيمنا ودرسنا الفترة الزمنية المتوقعة التي يستطيع فيها ذلك العنصر تقديم الخدمة المتوقعة منه؟
هل فكرنا في آلية الاستغناء عنه قبل الاتفاق معه؟
هل سيكون التعاقد مع هذا العنصر سببا في تأخير أو إلغاء أولويات أهم بالنسبة للفريق؟
هل و هل وهل...
تزدحم التساؤلات عند الكثير.. وقليل من يجد الإجابة المنطقية المقرونة بتحليل علمي يشخص الوضع الحالي والوضع المستقبلي المتوقع.. فعملية الاستقطاب لابد أن تكون جزءا أساسيا من الخطة الإستراتيجية قصيرة وطويلة الأجل وذلك لارتباطها بتحقيق الأهداف بشكل مباشر..
كم من الملايين أنفقت في استقطابات فاشلة؟! وكم من الوقت والجهد تم إهداره في تجارب قامت على اجتهادات خاطئة فأظهرت نتائج فاشلة؟! وسنستمر على هذه الحال ما لم نعود إلى الأساليب العلمية التي تحكم وتضبط إدارة العمليات في الرياضة.. وسنقدم أنفسنا لسوق العمل كصيد سهل للسماسرة وغيرهم..
اعلم يقينا أن ما اجتهدت في تسطيره يعد تنظيراً على حد تفسير البعض.. وسيظل كذلك ما لم يتحول ويترجم إلى شكل تنفيذي يمتلك أدوات العمل الإداري الرياضي الصحيح ويوظفها وفق منهج منضبط..
استقطابات فلاشية
إن من المحيّر والمدهش في بعض عمليات التعاقدات في أنديتنا أن الحال وصلت بهم إلى الدخول في منافسات جدلية في سوق الانتقالات !!
يبدأ السيناريو بتسريب إعلامي يربط بين اسم هذا النادي وذلك اللاعب.. تنطلق الصراعات الإعلامية بين الأندية بين نفي وتأكيد .. تصبح أخبار هذا اللاعب هي المادة الدسمة بين الجماهير.. تظهر على السطح أرقاما وسيناريوهات بعضها صحيح ومعظمها مفبرك.. ثم تتحول هذه العملية شيئاً فشيئاً إلى قضية رأي عام رياضي..
يبرز حينها صراع بين طرفين أو أكثر ليتحول فيه الأمر إلى تحد وحلم .. وسط رغبة جماهيرية وتطبيل إعلامي يشحذ الهمم ويرفع من وتيرة المنافسة للحصول على توقيع ذلك اللاعب..
كل ذلك يتم بغض النظر عن الحاجة الفنية أو القيمة المعنوية أو الفكر الاستثماري لتلك الخطوة.. فكل ما في الأمر أن التحدي في الحصول على هذا اللاعب أصبح بحد ذاته هدفاً «غير مخطط له» صنعه الإعلام وحركته مشاعر الجماهير وعززته «النظرة القاصرة لتعريف الانتصار الرياضي»..
وهي في الأخير صفقة رابحها هو الخاسر وخاسرها هو الرابح !!
وأنا هنا لا أعمم بفشل جميع الصفقات التي حظيت بهالة إعلامية لكني أمام مشهد نقل منافساتنا الرياضية من داخل الميدان إلى خارجه.. يتبعه اهتمام جماهيري وإعلامي مماثل لما يحصل في الملعب..
والنتيجة.. الكثير من الفلاشات.. والملايين.. ثم تسجيل انتصار إعلامي ونوعي قد ينتهي معه ذلك التحدي بمجرد التوقيع.. وكم صورة في ذلك المجلس الوثير!!
صفقتنا السنوية
الجميع.. يترقب.. ينتظر.. ويسأل الله أن يبلغه شهر رمضان المبارك..
ففيه تزيد وسائل الصفقات الرابحة مع الله.. الصفقات التي ليس بينها وبين الأجر سوى القبول من الله.. الصفقات البعيدة عن مغالاة الآخرين.. الصفقات الميسرة بين يدينا والتي لا تحتاج منا سوى الجد والاحتساب..
فلنكن مستعدين.. ولنجعل من رمضان محطة سنوية للتزود بالطاعة والخير .. وليكن فرصة لفتح صفحة محبة وود مع الكل .. ولنبدأ بالأقربين فهم الأولى بالمعروف..
دمتم أحبة.. تقربكم الرياضة.. ويجمعكم وطن..
بدر بن إبراهيم السعيّد - مختص بالتخطيط الاستراتيجي للمنظمات الرياضية
@BADER_AL_SAEED