كم من الناس، أفرادًا وجماعات، وشعوبًا، كانت ضحية العنف خلال السنوات الأربع التي عصفت بالشرق الأوسط.
ففي الشرق العربي ومنذ بداية القرن الواحد والعشرين، اختلطت أكثر من أي وقت مضى التأثيرات الفكرية، والإعلامية، والمجتمعية، وتداخلت المفاهيم بصورة مخيفة، وبات يصعب أحيانًا كثيرة التمييز بين قيادة الناس والانقياد لغير الناس، بين المشاعر الإنسانية والغرائز البهيمية، بين المخلص الحقيقي والمنقذ الدجال.
إن الوقت قد حان بأن تقود المملكة القرارات الداعية إلى إنقاذ المنطقة العربية من مخاطر الدمار الشمولي والجماعي، ومن كوابيس الفزع، وعوامل التخبط والتفتت وما يرتبط بها من عمليات غسل دماغي جماعي، وإعادة تركيب للقناعات الشعبية، وتوجيه الناس وفقًا لغرائز جماعية ذات غطاء ديني أو مذهبي، أو وطني وسياسي وإستراتيجي.
يكفي أن تحدق فيما آلت إليه الظواهر العنيفة، والأعمال والممارسات المخالفة للشرائع والاتفاقات الدولية، وضروب الابتزاز الذي يمارس بحق الإنسان العربي؛ لقلب الحقائق، وإعادة بناء الاستقطابات والولاءات، فيصبح الظالم والقرصان والمعتدي منقذًا والناس تتراكض لنيل البركة من ذيل ثوبه.
وإيران تعرف أن خزين العروبة الأصلي هو المملكة العربية السعودية، لذلك فاستهداف المملكة هو جزء من مخططها. التي تضمر به الشر المطلق للمملكة وحكامها.
لقد عاد مسلسل التفجيرات إلى بلادنا بعد أن خمد حتى ظننا أنه ولى إلى غير رجعة. لكنه عاد بثوب جديد خلال الأسبوعين الماضيين. إن الدهاء الفارسي الغادر جعل مركز خططه الإرهابية المنطقة الشرقية من المملكة، وفي أماكن وجود الشيعة تحديدًا لإثارة الطائفية. والخطر الأكبر هو أن يصل هؤلاء المنحرفون، والعملاء المرضى إلى فكر الإِنسان، وعقيدته، ووجدانه، وتلويثه بالشعارات والأفكار المنحرفة.
كلنا يعلم أن استهداف منطقتنا الشرقية ما هو إلا ردات فعل للضربات الموجعة التي وجهتها المملكة للحوثيين والرئيس المخلوع، ومن ورائهم إيران، وهذا الإنجاز لا بد وأن يغيظ الأعداء، الذين يسعون إلى إضعاف بلادنا من الداخل، متخذين طرق الغدر والغيلة.
إن مملكتنا الرشيدة المتماسكة بقيمة وفعل الوحدة، التي هي الحارس الأمين، التي تنمي الثروة الفعلية، وهي التي تنمي الثروة العقلية الناضجة، والواعية، والمؤتلفة.
لقد اتجهت القيادة في بلادنا نحو الموقف الموحد الفعال في داخل الوطن قبل خارجه، وفي خارجه ليتجاوز الضعف والوهن العربي. في هذه اللحظات الأكثر خطورة في التاريخ العربي الحديث، جاء قرار الملك سلمان (عاصفة الحزم) لإيقاف الزحف الحوثي ومن هم خلفه على اليمن من منطلق الدور الحضاري والإنساني الذي تضطلع به المملكة تجاه مستقبل الأمة العربية منذ تأسيسها.
إن مملكتنا سفينة ربانها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يقودها بسلام في بحر لجي متلاطم بأمواجه القوية العاتية، وقد تجلى هذا يوم تنادى الحاسدون، وتداعى المرجفون، فأظهر الشعب أثر القرآن في قلبه. القرآن الذي يدعو إلى اللحمة، والسمع والطاعة، والوحدة. وتيقن الناس في هذه البلاد المباركة بولي أمرهم، فبهت الذي حسد، وذهل الذي رصد.
هكذا يستمر وطننا بالحفاظ على جوهر المعتقدات التي صنعت تاريخ هذا العالم، وأثبتت شرف الإنسان المسلم، وحولت مسار التاريخ. هنا يحق لنا القول ليهنئ الشعب السعودي بمليكه، وقراره باقتلاع الخوف، والتسلح بالإرادة والعزيمة، ونبذ اليأس، وتحقيق الآمال التي تنعش الروح الوطنية، والحفاظ على العقيدة التي هي فؤاد الوطن التقي وشريان عطائه الإِنسان، وأمن البلاد مسؤولية مشاعة للجميع، فكل مواطن شريف شريك في وحدة هذا الوطن واستقراره، وتحمل المسؤولية تجاه حمايته من العابثين، ومؤامرات عدو صار الغرور محيطه الهادر الذي يغمره حتى يغرقه. والملك سلمان أحد الحكام الموفقين عبر التاريخ الذين سعدت بهم شعوبهم وافتخرت بهم الأيام، وجعلهم الله نعمة على شعوبهم، ورزقهم الله البصيرة، وجعل على أيديهم الخير الفضيل.
فمنذ توليه دفة الحكم أفاضت سحابة كرمه وجرى نهرها العذب، وذلك بفضل ساقه الله على يديه، ونعمة من قبل ومن بعد أنعم الله بها عليه حيث أفضل الناس ما بين الورى رجلاً تقضى على يديه للناس حاجات. نرجو الله أن يمتعنا بحكمك سنوات عديدة وأنت تقود المملكة العربية السعودية التي تقف اليوم بإيمان وحزم في مواجهة مسؤولياتها التاريخية والدينية ثم الداخلية، والعربية والإسلامية.
- عضو مجلس منطقة تبوك