الحمد لله الذي جعل الأمن نعمة من نعمه جل جلاله وجعل دعاء نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالأمن مقدماً على الرزق والطعام قال جل جلاله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (126) سورة البقرة، فبهذا يعرف فضل نعمة الأمن في الأوطان، ويجب علينا شكر المنعم جل جلاله على نعمة الأمن: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (7) سورة إبراهيم، وبالشكر تزيد النعم. ومطلب أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام الأمن حيث قال جل جلاله على لسانه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} (35) سورة إبراهيم، فقدم إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الدعاء طلب الأمن منه جل جلاله على التوحيد.
وبالأمن تقام الشعائر الظاهرة والجمع والجماعة وتستقيم الحياة وتستقر المعاشر ويأمن الناس على أموالهم وأعراضهم وبيوتهم ومحارمهم وبه يسعون في الأرض ويسترزقون.
وإن مما يجب ذكره وشكر الله جل جلاله ما أتم به على هذه البلاد المباركة التي حباها الله سبحانه وتعالى بما فقد في غيرها من أمن وعقيدة صافية ولله الحمد والشكر من قبل ومن بعد.
حيث إنه كانت هذه البلاد في سابق الزمن مسرحاً للفتن والمشكلات والسرقات والنهب والسلب والقتل حتى منّ الله سبحانه وتعالى على أهلها بتعاضد الإمامين الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب عليه رحمة الله، وظهرت دعوة التوحيد الصافية على يد الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وقيام الحكم بشريعة الله بدعم الإمام محمد بن سعود وتعاهد الإمامان على إقامة التوحيد والدعوة له وإقامة الدين ونبذ الشرك ومظاهره حتى أصبحت هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية ولا تزال وستزال إن شاء الله مضرب المثل في الأمن والاستقرار وستزال هذه البلاد بحول الله بخير وأمان ومتمسكة بعقيدة التوحيد وداعية له وحاكمة به وبالشريعة الإسلامية السمحة ومطبقة له في ظل قيادة ولي أمرنا ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
وإن مما يجب علينا جميعاً المحافظة على الأمن وشكر الله عليه ونبذ من يدعو للمساس بأمننا ودحره وكذلك الدعوة لرجال أمننا بالعون والتوفيق فبهم بعد الله جل جلاله تحفظ الحدود للبلاد وما يحصل في هذه الأيام من قيام ثلة فاسدة حوثية خبيثة من الاعتداء على حدود بلادنا وعلى رجال الأمن وقتل بعضهم- رحمهم الله- وإصابة بعضهم شفاهم الله لهو عمل منكر ومحرم شرعاً فجمعوا بين الخروج على ولي أمرهم والغدر والخيانة والتنكر لمن أحسن إليهم ولمن جاورهم نسأل الله السلامة ظلمات بعضها فوق بعض ضلال مارقون فاسدون مفسدون في الأرض.
وإليكم بعض الأدلة من الكتاب والسنة على فحش وقبح وحرمة عمل هؤلاء الضلال والمتمثل في قيامهم قتل النفس المعصومة وكيف وإن كانوا رجال أمن ومجاهدين ومرابطين على الثغور:
1 - قال جل جلاله: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء، نسأل الله السلامة والعافية.
2 - قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة) فبأي مبرر ومستند قتلوهم.
رجال أمننا البواسل حماة الدين والبلاد التي تضم في جنباتها الحرمين الشريفين ابشروا بفضل الله تعالى فأنتم على أجر عظيم فعملكم جهاد ومرابطة في الثغور وإليكم بعض الأدلة على فضل عملكم:
1 - عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها) رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم.
2 - وعن سلمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان) رواه مسلم واللفظ له والترمذي والنسائي والطبراني وزاد: (وبعث يوم القيامة شهيداً).
3 - وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتنة القبر) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وابن حبان في صحيحه وزاد في آخره قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المجاهد من جاهد نفسه لله عز وجل) وهذه الزيادة في بعض نسخ الترمذي.
4 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباط شهر خير من صيام دهر، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن الفزع الأكبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة، ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز وجل) رواه الطبراني ورواته ثقات.
5 - العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمي له عمله، ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة) رواه الطبراني في الكبير بإسنادين رواة أحدهما ثقات.
6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات مرابطاً في سبيل الله أجري عليه الصالح الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن من الفتان، وبعثه الله يوم القيامة آمناً من الفزع الأكبر) رواه ابن ماجة بإسناد صحيح والطبراني في الأوسط أطول منه وقال فيه: (والمرابط إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة، وغدي عليه وريح برزقه، ويزوج سبعين حوراء، وقيل له قف اشفع إلى أن يفرغ من الحساب).
7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت خشية من الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) قال حديث حسن غريب، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار أبداً: عين باتت تكلأ في سبيل الله، وعين بكت خشية من الله) رواه أبويعلى ورواته ثقات، والطبراني في الأوسط إلا أنه قال: (عينان لا تريان النار).
8 - وعن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها) رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
فما أعظم فضل رجال الأمن وما أعظم أجورهم عند الله جل جلاله فالله الله بالنية الصافية حفظكم الله وجعلكم غصة في نحور أعداء التوحيد والسنة أعداء هذه البلاد السنية السلفية. قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله مدافعاً عن هذه الدولة المباركة (العداء لهذه الدولة عداء للحق، عداء للتوحيد، أي دولة تقوم بالتوحيد الآن من حولنا: مصر، الشام، العراق، من يدعو إلى التوحيد الآن ويحكم شريعة الله ويهدم القبور التي تعبد من دون الله مَنْ؟ أين هم؟ أين الدولة التي تقوم بهذه الشريعة؟ غير هذه الدولة أسأل الله لنا ولها الهداية والتوفيق والصلاح ونسأل الله أن يعينها على خير ونسأل الله أن يوفقها؛ لإزالة كل شر وكل نقص علينا أن ندعو الله لها بالتوفيق والإعانة والتسديد والنصح لها في كل حال).
وقال- رحمه الله- (وهذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كل فيه نقص، فالواجب التعاون معها على إكمال النقص، وعلى إزالة النقص، وعلى سد الخلل بالتناصح والتواصي بالحق والمكاتبة الصالحة، والزيارة الصالحة، لا بنشر الشر والكذب، ولا بنقل ما يقال من الباطل).
وقال الشيخ محمد بن عثيمين- رحمه الله- في مدح هذه الدولة: (الحكومة تحكم بالشريعة، والقضاة لا يحكمون إلا بالشريعة، وشعائر الإسلام قائمة وولاتها سلفيون).
وقال رحمه الله (أشهد الله تعالى على ما أقول وأشهدكم أيضاً أنني لا أعلم أن في الأرض اليوم من يطبق شريعة الله ما يطبقه هذا الوطن -أعني: المملكة العربية السعودية-.
وهذا بلا شك من نعمة الله علينا فلنكن محافظين على ما نحن عليه اليوم، بل ولنكن مستزيدين من شريعة الله عز وجل أكثر مما نحن عليه اليوم؛ لأنني لا أدعي الكمال وأننا في القمة بالنسبة لتطبيق شريعة الله لا شك أننا نخل بكثير منها ولكننا خير -والحمد لله- ما نعلمه من البلاد الأخرى.
إننا في هذه البلاد نعيش: نعمة بعد فقر، وأمناً بعد خوف، وعلماً بعد جهل، وعزاً بعد ذل؛ بفضل التمسك بهذا الدين مما أوغر صدور الحاقدين وأقلق مضاجعهم يتمنون زوال ما نحن فيه ويجدون من بيننا وللأسف من يستعملونه لهدم الكيان الشامخ بنشر أباطيلهم وتحسين شرهم للناس {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ} (2) سورة الحشر.
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله (أسأل الله أن يديم النعمة على أرض الجزيرة وأن يحفظ دولة التوحيد برعاية خادم الحرمين الشريفين).
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله (ندعو الشباب أن ينضموا إلى جماعة أهل السنة والجماعة المتمثلة في هذه البلاد من علمائها وقادتها وعامتها).
وقال حفظه الله (هذه البلاد مقصودة ومغزوة؛ لأنها هي البلاد الباقية التي تمثل منهج السلف الصالح، وهي البلاد الآمنة من الفتن ومن الثورات ومن الانقلابات، فهي بلاد -ولله الحمد- يرفرف عليها الأمن والأمان ومنهج السلف الصالح، فهم يريدون أن ينتزعوا هذه الخصائص ويجعلوها بلاداً فوضى ويكون فيها قتل وتقتيل كما في البلاد الأخرى).
وقال مفتي هذه البلاد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله (المملكة منذ نشأتها دولة سلفية محكمة لشرع الله ولا زالت ولله الحمد وقد نفع الله بها الإسلام والمسلمين).
فكان بعد هذا السرد المؤصل المدلل بالكتاب والسنة وأقوال العلماء إلا أن تكونوا مدافعين عن هذه البلاد المباركة وتكونوا مع ولاة أمركم ضد ما يحاك لها ليلاً ونهاراً من أعداء الملة والدين.
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث الفتن الذي رواه حذيفة رضي الله عنه-: أن في آخر الزمان يكون دعاة على أبواب جهنم ووصفهم بأنهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قال حذيفة: فما تأمرني إن أدركني ذلك؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم). رواه البخاري ومسلم.
فعليكم بلزوم الجماعة وعليكم بالعلماء الكبار والدعاء وبالتوفيق والتسديد لولي أمرنا ودوام الأمن حفظ الله بلادنا وولاتنا وعلماءنا وشبابنا وجميع أهل هذه البلاد المباركة من شر الأشرار ورد كيد الأعداء.
- رئيس كتابة عدل ملهم