وإن كانت المقارنة هنا ليست منطقية وغير عادلة وليس هناك وجه للمقارنة أصلاً ولكن من باب التوضيح وإقامة الحجة على من اغتر بإيران ومن يمثّلها في المنطقة وأثّرت عليه سذاجات وترهات المسوّقين لهم من إخواننا في اليمن، وإلا فشتان بين نظام نازي يصدر الخراب والدمار لدول المنطقة، كل إنجازاته مشاريعه عسكرية وشعبه يعيش الفقر والعوز والحاجة، وبين نظام عاش شعبه الرخاء والأمن والاستقرار، نظام أخذ على عاتقه دعم جيرانه وإخوانه في العالم العربي والإسلامي.
وبعيداً عن النعرات الطائفية والحسابات المذهبية والسياسية سأتحدث بكل وضوح وبلسان المواطن اليمني المغلوب على أمره وسأنظر للواقع من حدقات عيني وما ينقله لي الثقات من أقاربي.. وأفتح لعقلي مدارك التفكير الواسعة ليستسيغ ما يمليه عليه الواقع.
يجب أن ندرك أن بين يد الخير ويد الشر وبين قوارب النجاة وسفن الموت يظل الوطن أسيراً تتقاذفه الأمواج الإقليمية والدولية.. ثمة أياد كثيرة تمتد نحو وطننا المقدس، بعضها تحاول انتشاله من حافة الهاوية إلى مربع الأمان وأخرى تعمل جاهدة على تدميره ليكون في الدرك الأسفل من العالمين، وثمة دولتان فقط هما الأقوى في منطقة الشرق الأوسط.. وهما الأكثر قرباً واهتماماً باليمن.
وكثيراً ما مدت تلك الدولتان يداهما نحو وطننا الحبيب فكانت أيد تستحق الشكر وأخرى تستحق الكسر..
تلك الدولتان هما المملكة العربية السعودية وإيران.. الدولة الأولى تبعدنا عنها حدود جغرافية ستمحوها أواصر الأخوة والمحبة ذات يوم..
والدولة الثانية تبعدنا عنها بحور وأنهار وجبال وتلال واختلاف عقائدي يصعب على عقول التنوير أن تستسيغه؟.. لن أغوص كثيراً في أمور لا تهمني.. ولكن... بصفتي مواطناً يمنياً من حقي أن أسأل. ماذا تريد تلك الدولتان منا..؟
حاولت القراءة كثيراً في تاريخ تلك الدولتين فوجدت الفرق الكبير والبون الشاسع بينهما وعثرت على جواب لسؤالي السابق..
فالدولة الأولى السعودية.. الأقرب إلينا بجغرافية الأرض وثقافة المجتمع تحملنا على قوارب النجاة في كل مرة نوشك فيها على الغرق وبمجاديف الأخوة والجوار تدفعنا نحو شواطئ الأمان.
أما الدولة الأخرى.. إيران.. فتحملنا على سفن الموت وتقدّم لنا أطناناً من الوهم بإحياء الدولة المذهبية وإذكاء صراع أيديلوجي تتبناه أسرة طائفية عرقية في اليمن.
فمن هي اليد التي يصافحها الشعب اليمني ومن هي اليد التي يعضها..؟
من خلال المقارنة ومراجعة التاريخ القريب والبعيد سنعرف أين تكمن يد الخير ويد الشر.. سنعرف كم من المليارات التي قدمتها الرياض لليمن آخرها على سبيل المثال مليار دولار كوديعة في البنك المركزي اليمني لتحافظ على استقرار العملة اليمنية التي أوشكت على الانهيار، وقبل أسابيع أطلقت الأمم المتحدة نداءً عاجلاً لتوفير أكثر من 270 مليون دولار لتلبية الاحتياجات المنقذة للحياة، وحماية لـ 7.5 مليون شخص تضرروا من الصراع المتصاعد في اليمن، دفعتها المملكة كاملة.
وإذا تجاهلنا ما قبل تاريخ 2006 فمنذ ذلك التاريخ وحتى نهاية 2014م الآن وحسب تقارير خبراء سياسيين واقتصاديين قدمت المملكة العربية السعودية لليمن منحاً بما يقارب 8 مليارات دولار.
وغير الدعم العيني حوالي 12 مليون برميل نفط لتستمر الحياة 2014. وفي الثاني من ديسمبر 2014م أعلنت المملكة عن تقديم معونة غذائية تستهدف 45000 أسرة يمنية وتغطي ما يقارب ربع مليون شخص وبشكل مستمر طوال العام.
وبخلاف كل هذا فالمملكة تحتضن على أراضيها حوالي 2 مليونين مغترب يمني حسب إحصاءات عام 2009م والعدد أكثر من هذا الرقم الآن بالتأكيد، ويعول هذا العدد ما يقارب 7 ملايين شخص على أرض الوطن..
وفي بادرة كريمة ونادرة أصدر خادم الحرمين الشريفين أمراً بتصحيح أوضاع ما يقارب نصف مليون يمني كانوا يقيمون بطريقة غير قانونية ولكم أن تتخيلوا كم مليوناً من البشر وراء هؤلاء المغتربين لا عائل لهم سواهم. وكان فعلاً قرار أدخل الفرحة والبهجة في قلوب اليمنيين..
في المقابل أيضاً تعالوا ننظر ما قدمته دولة إيران لليمن فلقد قدمت الكثير!
وحتى تقدم مساعداتها على أكمل وجه قامت برسم خطة أعلنت عنها تقارير استخباراتية في عام 2009م وأسميت تلك الخطة (يمن خوشحال) وتعني اليمن السعيد.. وتنفذ عبر الفوضى الجماهيرية والتمدد المسلح، والهدف منها تسهيل انفصال الجنوب وإعادة الإمامة للشمال، وفي 23 يناير 2012م أعلنت السلطات اليمنية القبض على السفينة الإيرانية (جيهان1) وهي محمّلة بمختلف الأسلحة القادمة من إيران لدعم الاقتصاد والتنمية.. وحسب تصريح رئيس جهاز الأمن القومي حينها فقد سبق تلك السفينة شحنة أسلحة دخلت الأراضي اليمنية وتليها أيضاً شحنة ثالثة ما زالت في السواحل الإيرانية تنتظر ساعة الصفر لتتجه نحو اليمن.
ووفقاً لتقارير أجهزة الاستخبارات اليمنية والدولية فقد تم رصد 27 شحنة أسلحة موّلت وأشرفت السلطات الإيرانية على تهريبها لليمن خلال عام 2012 و2013م عبر سفن تهريب إلى جزر تتبع أرتيريا (جزيرة دهلك وما جاورها) في البحر الأحمر غرب اليمن، ويتم نقلها بعد ذلك عبر قوارب صيد على دفعات صغيرة إلى الأراضي اليمنية.
وبما أن المملكة العربية السعودية تحتضن على أرضها 2 مليوني يمني فقد عملت إيران على تقليدها ولكن بطريقتها الخاصة حيث استضافت على أرضها عملاءها وتجار الأوطان واتخذت منهم وسائل رخيصة لتدمير الوطن أرضاً وإنساناً.
وأشارت تقارير يمنية غربية إلى أن إيران قامت بتدريب مئات الشباب المنتمين لجماعة الحوثي على صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة والاغتيالات وقتال الشوارع وقد اعترف بذلك عدد من قيادات جماعة الحوثي.
ويؤكّد ذلك أيضاً ما صرح به مسؤول العلاقات الخارجية في التحالف الأرتيري المعارض بشير إسحاق عام 2008م عن وجود معسكر تدريب إيراني في منطقة دنقلو شرق مدينة قندع وسط أرتيريا ويوجد فيه شباب يمنيون!
بعد كل هذا.. والذي أعتقد أنه غيض من فيض.. ونقطة في بحر المقارنة بين الحياة والموت، ترى... هل ستصمت تلك الأصوات التي تحاول أن تصور لنا بأن المملكة هي عدونا وتريد أن تقرّبنا من إيران زلفى..؟
- مدرب وكاتب يمني
Ssm535@gmail.com