إلى أحبتي الشباب أوجه هذا النداء؛ فأنتم - يا شباب هذه البلاد المباركة وربي - زينة الحياة وملحها، وأعلم أنكم على خير عظيم، ولكن هناك فئة قليلة، وقليلة جدا لا تمثل شبابنا الصالح الواعي، ولا أبناءنا؛ وخوفا من أن يتأثر بهم البعض بأفكارهم المنحرفة؛ أحببت أن أوجه نداء للشباب الذين نحبهم، ويحبهم المجتمع، ويحبهم الآباء والأمهات والمسؤولون؛ بل ويسعى مسؤولو الدولة والآباء لإسعادهم؛ ليتعرفوا على ما أحدثته تلك الفئة القليلة، والقليلة جدا من شبابنا، المنحرفة عن مسار هذا المجتمع الصالح، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، ومعرفة المآل يعين - بحول الله - في الوقاية من الوقوع في الزلل. وأوجه هذا النداء أيضا لمن تورطوا في هذه العمليات أو التحقوا بتلك الجماعات من شبابنا؛ لعلهم يفيقوا أو يعودوا إلى رشدهم.
وأقول: يا شبابنا، اعلموا أن هناك من يثير عليكم الشبهات؛ ليجعلكم مطية للوصول إلى أهدافه.
يا شباب الإسلام: كم أُدميت قلوب آباء وأمهات بسبب:
1 - تشبع قلوب بعض أبنائهم بهذه الشبه الضالة!
2 - وأدميت قلوبهم بسبب خوفهم على مستقبل أبنائهم الأخروي، يوم يقفون بين يدي الله، لأن هذا المنهج الضال يناقض الإسلام وينافيه، وطريق من الطرق الموصلة إلى النار.
3 - وأدميت قلوبهم خوفا على المستقبل الدنيوي لأبنائهم؛ جراء موت مفجع مخز، جالب للعار، أو غياهب سجن. فالآباء والأمهات ما ربوكم إلا وهم يسعون لمستقبل آمن لكم في الدنيا والآخرة؛ فلا تخيبوا ظنهم، ولا تحطموا آمالهم، ولا تقضوا بالآلام مضاجعهم، ولا تجعلوا الحزن طوال الحياة يلفهم.
4 - كم أم وأب باتوا مكلومين، مصدومين، مذهولين؛ جراء انضمام بعض أبنائهم لهذه الفئات الضالة!
5 - كم أب وأم باتوا مطمئنين، واستيقظوا على خبر مفجع؛ أقض مضاجعهم، وأدمى قلوبهم، وأسال بالدموع مآقيهم؛ إما:
أ- جراء خبر التحاق ابن من أبنائهم بالقتال في مواطن الفتن.
ب- أو خبر بثه الإعلام أن ابنا من أبنائهم في قائمة المطلوبين أمنيا.
ت- أو وجدت جثته في عمل انتحاري إجرامي.
ث- أو وجد اسمه في عمليات إجرامية تستهدف أمن بلادهم.
هل ستجد تلك الأم، أو يجد ذلك الأب لذة للحياة بعد خبر مفجع كهذا ؟! حمى الله أبناءنا، وأبناءكم، وأبناء المسلمين من هذه الفتن!
يا شباب أمتنا، عليكم أن تفرحوا والديكم، ولا تحزنوهم، وتضحكوهم ولا تبكوهم.
1 - فإذا كان النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر أحد أصحابه أن يرجع من الجهاد الصحيح، نقي الراية، سليم الغاية من أجل رضا والديه؛ فكيف بجهاد باطل؟! أليس أولى بأن يرجع صاحبه؛ ليضحك والديه كما أبكاهما ؟! أو ما علمتم أنه قد أتى رجل رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك، أبتغي وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت وإن والدي ليبكيان، قال: «فارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما» رواه ابن ماجه وصححه الألباني. فكيف تحزنهما بعمل لا يزيدك من الله إلا بعدا، ومن النار إلا قربا؟
2 - أو ما علمتم يا شباب الإسلام أن من أعظم صور الجهاد الصحيح بر الوالدين؟ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أحي والداك؟»، قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد» متفق عليه. مع وجوب العلم بأن ما يقوم به هؤلاء الشباب هو إفساد لا إصلاح، وضلال لا جهاد. وهل الجهاد في بلاد الإسلام، ومنبع التوحيد؟
يا شباب بلادنا، كم ابن جلب العار والشنار لأهله وقبيلته، وهو يحسب أنه يحسن صنعا!
يا شباب بلادنا، قلبي يتفطر ألما، إذا قرأت أن أحد أبناء بلادنا قد التحق بهذه الجماعات! أستشعر هذا الهم الذي يحزن المسؤولين، ويحزن الآباء والأمهات، ويحزن المجتمع.
يا شباب بلادنا، إني أعيذكم بالله أن ترضوا، أو تقروا؛ أولئك الذين يريدون أن يقلبوا أمن بلادنا خوفا. فالأمن لا يعدله من النعم شيء:
أ- قال تعالى :(فَلْيَعْبُدُوارَبَّهَذَاالْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ).
ب- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا» رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
يا شباب بلادنا، إن من يمت في هذه العمليات الإجرامية يفجع والداه بسببه عدة فواجع:
1- فاجعة موته، وكفى بها حزنا وألما!
2- وفاجعة أنه مات ميتة خزي وعار؛ يخجلهم، ويسيء إليهم، ولا يأتي من يعزيهم في موته، ليخفف عنهم مصابهم، ولا يقبل الناس أن يعزوهم. فلماذا تجعلون والديكم يتوارون من الناس خجلا من فعلكم عند موتكم؟!
3 - وفاجعة ما أحدثه ابنهم من دمار، وما أورثه على البلاد من آثار مؤلمة، يرونها ظاهرة للعيان، يسمعون في وسائل الإعلام بكاء ودعاء من أصابهم ابنهم بكارثته.
4 - وفاجعة ذم المجتمع، ونقدهم لصنيع ابنهم، يذمه المسؤول، والعلماء، والكبار والصغار.
5 - وقبل هذا وذاك فاجعة أن ابنهم صار بحكم الشرع ضالامضلًا مفسدًا، غير مصلح.
وأخيرا أقول لمن تأثروا بأصحاب هذه الأفكار: أفيقوا من سباتكم أيها الشباب المنخدعون بهذه التيارات الوافدة، وانتبهوا من غفلتكم، ولا تكونوا مطية للشيطان للإفساد في الأرض. وحتى لا تنخدعوا بأصحاب هذه الأفكار الضالة؛ فعليكم أن تتعرفوا على علاماتهم، ومنها:
1 - ذمهم العلماء، وتسفيه العلماء الكبار، واتهامهم بالعمالة، وغيرها من التهم الباطلة الرخيصة.
2 - ذم المجتمع وتجهيله، ووصفه بالجاهلية.
3 - استباحة أعراض ولاة الأمر من: الحكام، والأمراء، والعلماء.
وعليكم أن تعلموا أن أول فتنة وقعت في الأمة فتنة الذين خرجوا للإنكار على عثمان رضي الله عنه؛ فتقربوا إلى الله بقتله؛ لأنهم يرون أنفسهم أفضل منه، وهو الذي بُشر بالجنة، وبُشر بالشهادة؛ فخرج عليه الثوار وهو يرون فعلهم تقوى، ثم خرجت مجموعة من نفس الفتنة فرأت أن عليًّا رضي الله عنه على ضلال؛ فتقربوا إلى الله بقتله؛وهو الذي بُشر بالجنة، ويحبه الله، ويحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا يتطور هذا الفكر الضال.
حمى الله تعالى بلادنا، وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأدام علينا وعلى المسلمين الأمن والاستقرار، وحفظ الله شبابنا وفلذات أكبادنا من كل شر وفتنة إنه سميع مجيب.
- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض