لا شك أن القرار الحكيم بانطلاق عمليات «عاصفة الحزم»، ثم قرار انطلاق عملية «إعادة الأمل»، كان لهما الأثر الإيجابي الكبير على أمن واستقرار اليمن، فقد شكلا خطوة بالغة الأهمية عملت على تكريس الشرعية في اليمن، وأنقذته من الصراعات الدائرة فيه وتخدم أجندات خارجية، كما دمرت دفاعات ميليشيات الحوثي المتمردة وحلفائها من قوى الفوضى والفلتان الأمني والسياسي، التي تشكل خطرًا على أمن وسلامة المملكة ودول الجوار.
نعم، لقد كانت «عاصفة الحزم» نفسها أملاً لهذا البلد الذي رزح عقودًا تحت حكم قمعي فاسد في عهد المخلوع علي عبدالله صالح، الذي يسعى لإفساد المشهد اليمني، والانقلاب على الشرعية عبر العودة إلى كرسي السلطة من بوابة الحوثيين، فكوّن حلفًا أشبه ما يكون بحلف مع الشيطان، حتى لو كان الثمن أرواح آلاف اليمنيين، أو ضياع مستقبل أبناء اليمن وحريتهم وكرامتهم، بل حتى لو كان الثمن أن يتحول اليمن إلى خنجر في خاصرة المنطقة العربية بأسرها، وخدمة للأيدي الخفية الخارجية ذات الأطماع التوسعي الهادفة لتقسيم المنطقة وتحويلها إلى مسرح للصراع والفتن، فكانت العاصفة ردًا قويًا ورسالة بالغة الوضوح بأن لدى العرب درعًا وسيفًا، ينبغي على الذراع الإيرانية أن تتراجع خطوات كثيرة عند حدودها الحقيقية، وألا تحاول تجاوزها إلى الداخل العربي، لأنها ستجد ما لا يسرها.
إن التاريخ سيسجل للمملكة العربية السعودية هذا الموقف إجمالاً، فالعاصفة وحزمها كان مبادرة سعودية في المقام الأول، ثم اكتملت بتكوين تحالف دولي قوي، تقوده المملكة نجدة لليمن أولاً وأخيرًا، ودعمًا لشرعيته في مواجهة قوى الشر، وما عمليات «إعادة الأمل» إلا استمرار لهذا النهج المبارك، الذي يسعى إلى فرض الاستقرار والتعايش والوحدة والتنمية التي تأخرت طويلاً على أبناء هذا البلد.
أما اليمنيون بدورهم، فلن ينسوا أبدًا أن هذه الضربات الجوية، وما صاحبها من جهود دبلوماسية دؤوبة، كانت أشبه بجراحة دقيقة في رأس اليمن، أعادت توازن القوى السياسية على الأرض من جديد، ومهدت السبيل إلى جلوس الأطراف كافة على طاولة حوار تنقذ بلادهم من مصير الاحتراب الأهلي الذي كان قد بدأ بالفعل، وتجلت على أرض الواقع في التصفيات التي كانت ميليشيات الحوثي تسعى لتنفيذها ضد أبنائه المخلصين، فضلاً عن المساعي الخبيثة لاغتيال الرئيس منصور عبدربه هادي، دفعًا نحو فرض منطق الأمر الواقع، وفرض الرأي بالقوة على الشعب اليمني الأعزل.
إن الآمال منعقدة الآن مع عودة الأمل لليمن إلى خروج هذا البلد العريق من نفق هذه الأزمات، بعد رحيل قوى الشر من المشهد إلى غير رجعة، وما توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- للجهات المعنية بتصحيح أوضاع اليمنيين المقيمين بطريقة غير نظامية على أرض المملكة، إلا جانب مشرق من مملكة الإنسانية، التي سعت وتسعى بكل السبل إلى مؤازرة اليمن الشقيق، وتخفيف الأعباء على أبنائه، حتى يعود اليمن سعيدًا كما كان.