منذ أن باشر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - مقاليد الحكم في هذا الوطن الكبير (المملكة العربية السعودية) وحتى الآن لازال وسيظل متمسكاً - إن شاء الله تعالى - بالنهج الذي سارت عليه الدولة السعودية منذ تأسيسها على يد المغفور له إن شاء الله الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ففي كلمته الأولى بعد توليه الحكم التي وجهها للمجتمع السعودي بالدرجة الأولى والمجتمع الخارجي بالدرجة الثانية، أكد فيها أنه سيظل متمسكاً « بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبد العزيز رحمه الله وعلى أيدي أبنائه من بعده رحمهم الله ولن نحيد عنه أبدا»، فليس لك من سبيل أمام هذا القول إلا بالتأييد، وليس لك من خيارات غير: الإعجاب والتقدير والاعتزاز في تأدية المسؤوليات وتبعاتها على خير وجه.
ذلك ملمح عابر، قد يختصر طبيعة الدور المتعاظم للمملكة وروافد الخير الممتدة منها كياناً وإنساناً إلى أمتها، ينطلق من المكانة المرموقة التي تحظى بها قلباً للعالم الإسلامي، وبما شرّفها الله تعالى بأطهر البقاع وأقدس المقدسات الإسلامية.
زيارة خادم الحرمين الشريفين، فجر الأحد، المسجد الحرام في مكة المكرمة وقيامه غسل جدار الكعبة من الداخل، والاطلاع على مشروع توسعة الحرم المكي برفقة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، حملت مضاميناً، وبعثت برسائل، هي بمثابة قواعد رئيسية، ترتكز عليها سياسة البلاد العليا، لقضايا الأمة والمسؤولية العظيمة الني يضطلع بها هذا البلد الطيب في خدمة الإسلام... لتضع العالم بأسره أمام مسؤوليته في طريقة تعامله وتعاطيه لقدْر وقيمة بحجم «المملكة العربية السعودية».
كما أنها شكلت مساحة حرة للتعبير لكل إنسان على هذه البسيطة بأن ذلك هو السبيل الذي اختاره الله لهذه البلاد يتم السير فيه بخطى ثابتة نحو الواجب الأسمى في حراسة المقدسات والأمانة عليها، بجعلها مكان فسيحاً رجباً لتلتقي عليه الجموع المؤمنة في جو إيماني آمن.. لا تلفتهم عن صلاتهم ونسكهم صيحة ضالة في واد أو نفخة في رماد.
كما أنها أفردت صور أشجار حور باسقة تمتلئ فروعها بالندرة والخضرة والجمال من الإمكانات الكبيرة التي أنجزت في الحرم المكي الشريف أن يؤدي ضيوف الرحمن نسكهم في راحة واطمئنان.
طوفان الملك سلمان خلال الزيارة حول الكعبة المشرفة، وقيامه بأداء ركعتين، ومن ثم تقبيل الحجر الأسود، ما هو إلا استشعار كبير من قبل «عاهل الوطن» بأن يظل إنسان هذ الأرض شديد الالتصاق بطهرها، ليستمد تماسكه وقوته وصلابته من صلابة البيت المعمور، ويستظل آمناً بالسقف المرفوع.. لأن عزه وأمنه ارتبط بهما ارتباطاً وثيقاً بعروة وثقى لا انفصام لها.
استماعه إلى الشرح المفصل عن المرحلة الثالثة لمشروع توسعة الحرم المكي وقوله بعدها: «سأنفذ وصية الملك عبدالله، وقد أوصاني بالمشاريع في مكة» تنساب فيه عزم الرجال وقوة العمل من أجل قهر الصعب والمستحيل ؛ لتجيء التوسعة كما كانت وكما ستكون علامة مضيئة من علامات الجهد الخلّاق المسؤول لخدمة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
تناول الملك سلمان في زيارته هموم وتطلعات ملايين المسلمين، واستشعر مستويات الخدمة التي يجب أن تقدم من أجل ضيوف الرحمن الذين يفدون من كل مكان، وأخضع في نفس الوقت على العطاء غير المحدود من قيادة المملكة لجموع المسلمين في كل زمان وفي كل مكان.
ليس غريباً أن تكون الطاقة الإيجابية التي سرت في جسده ملامسة لكل ما يختلج في صدر كل مسلم من أصقاع المعمورة، إذا ما علمت يقيناً أن سلمان بن عبد العزيز خرج من هذه الأرض التي خرج منها أفواج النور لتقهر الظلم والظلام وتقدم للبشرية كلها الدواء الشافي لآلامه وحصن المستقبل لها ولأجيالها.