الجزيرة - بندر الإيداء:
توقعت شركات وساطة محلية انتعاش تداول (أسهم الصكوك) عقب انضمام المستثمرين الأجانب لركب سوق المال السعودية الأسبوع المقبل، كما توقعت تحرر الكثير من الأموال المدخرة ودخولها للاستثمار في السوق، وأكدت شركات الوساطة لـ«الجزيرة» بأن هناك منتجات جديدة ستظهر في السوق، وقال الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار كابيتال هشام أبو جامع لـ«الجزيرة» إن دخول المستثمرين الأجانب يأتي بمثابة تتويج للاقتصاد السعودي، كما أن هذا القرار سيزيد الاستثمار المؤسسي، ويعزز كفاءة السوق من خلال رفع مستوى الشفافية والإفصاح من قبل الشركات وممارسات الحوكمة بشكل أكبر، مبيناً أن تدفق المزيد من الأموال في السوق سيسهم أيضاً في الحد من التذبذب الكبير في الأسعار، وستظهر منتجات جديدة في السوق على المدى البعيد مثل السندات والصكوك والتي سيرتفع فيها معدلات الاستثمار عن الوضع الحالي، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن فتح الاستثمار أمام الأجانب سيجعل السوق في المدى القريب أكثر تأثراً بأداء الأسواق العالمية من حيث الهبوط والارتفاع، بحكم أن هؤلاء المستثمرين سيكونون مرتبطين بسلوك وحالة أسواق المال في العالم.
وتوقع أبو جامع أن تشهد شركات الاستثمار والوساطة «صغيرة الحجم» اندماجات فيما بينها إذا ما أرادت أن يبقى لها وجود وثقل في السوق، وفي نفس الوقت لن نرى شركات كبرى تستحوذ على إحدى الشركات الصغيرة، كما أن هناك شركات لن تستطيع الصمود طويلاً وستخرج من السوق، خصوصاً تلك التي لا تمتلك قاعدة كبيرة من العملاء والأصول، مستبعداً في الوقت نفسه أن تتأثر شركات الوساطة والاستثمار الكبيرة خصوصاً من النواحي التقنية، كما نتوقع أن يرتفع إقبال العملاء على شركات الوساطة بناء على نوعية الاستثمارات والخيارات التي تقدمها، وسيستفيد من ذلك الشركات التي تتداول في الأصول (أسهم الصكوك) بحكم أن الطلب سيرتفع عليها من قبل المستثمرين الأجانب، كما أن خطوة دخول الأجانب ستسهم في نمو أعمال شركات الوساطة من خلال خدمة الشريحة الجديدة من العملاء، وبالأخص تلك التي تتمتع باستقلالية وسمعة عالية، وزاد: شركات الوساطة تربح من عمولات البيع والشراء ومع زيادة عدد المشاركين في السوق سترتفع هذه العوائد، ويجب أن ننبه بأن دخول الأجانب من الأسباب غير المباشرة في ارتفاع تلك العوائد، وإنما زيادة الثقة في السوق وبالتالي زيادة التعاملات.
ارتفاع معدلات الإقبال على شركات الوساطة
وأشار أبو جامع إلى أن دخول المستثمر الأجنبي سيرفع من معدلات الإقبال على شركات الوساطة بين الأفراد الذين كانوا يعتمدون على إدارة محافظهم بأنفسهم، كما أن المحافظ الفردية خصوصاً البسيطة منها ستقل وستسعى لتحويل استثماراتها عن طريق شركات الوساطة، وأردف أبو جامع: كثيراً من الأموال ستتحول من الادخار إلى الاستثمار وهذا أمر إيجابي بلا شك.
وعن حجم الاستثمارات المتوقع تدفقها على السوق جراء فتح السوق للأجانب قال أبو جامع: الحديث في هذا الأمر سابق لأوانه، وهو متروك لوقت دخول المستثمرين الأجانب وكذلك متروك لحالة السوق في ذلك الوقت، وأيضاً لحالة الأسواق العالمية لحظة دخول المستثمرين للسوق السعودي، وكذلك مدى ثقة المستثمر الأجنبي في السوق السعودي، ولكن يمكن أن نقول إن القرار إيجابي من ناحية زيادة كفاءة الثقة في السوق، كما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن فتح السوق للاستثمار الأجنبي يجب أن لا يركز على جلب سيولة فقط، حتى لا نصل لمرحلة تضخم غير مبررة، لأن السوق حالياً لا تعاني شحاً في السيولة فمعدلاتها الحالية تتراوح بين 4 - 7 مليارات ريال ومتوسط قيمة التداول في السوق يُعتبر من ضمن المعدلات المعقولة والمقبولة، ودخول المستثمر الأجنبي يجب أن ينعكس على زيادة عمق السوق وتحوله ليصبح نموذجياً ويسير وفق أسس مؤسسية بشكل أكبر، كما أن السوق موعودة أيضاً بعد هذا القرار بدخول كفاءات بشرية تمتلك الخبرة والدراية، سيستفيد منها الشركات المدرجة في السوق من خلال الاستفادة من هذه الكوادر ومن آرائها وخبراتها العريضة، وذلك عن طريق استقطاب تلك الكفاءات للعمل في الشركات، وأيضاً تبادل الخبرات مع خبراء سيُشكّلون إضافة بلا شك للعنصر البشري في السوق السعودي.
خطوة نوعية
من جانبه أكد الرئيس التنفيذي للجزيرة كابيتال المهندس زياد أبا الخيل أن دخول المستثمرين الأجانب سيفتح آفاقا واعدة، حيث يُعتبر من أهم الخطوات النوعية في تاريخ السوق التي يترقبها المستثمرون بشغف، إذ ستكون الخطوة إيجابية للسوق، وستساعد على زيادة المستوى الإجمالي للاستثمار المؤسسي، وهذا سيعزز الثقة في الاقتصاد ويساعده على وجود مستثمرين جدد، فيما سيكون قطاع البترو كيماويات عامل الجذب الأول للاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل السوق، لما يتمتع به القطاع من خبرة نسبية من حيث التكلفة والمواد الخام، كما سيكون لقطاع المصارف نصيب مهم لا سيما أنه يتميز برخص تقييمات أسهمه مقارنة مع آفاق النمو المستقبلي، فضلاً عن عدد من الشركات بقطاع التجزئة والإسمنت، لكن ينبغي أيضاً النظر بعين مفتوحة وتطوير الأسواق الأخرى، كسوق الصكوك والأسواق المالية الأخرى المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لأن الخطوة ربما تكون غير كافية لاستيعاب السيولة الكبيرة التي ستدخل للسوق.
وحول إمكانية أن تؤدي هذه الخطوة إلى طفرة تعقبها أزمة مالية على غرار الأزمة العالمية قال أبا الخيل: فتح السوق للأجانب خطوة لا تستهدف العوامل المالية فقط، إذ تتجاوز القيمة السوقية للسوق السعودية قيمة أسواق مصر والإمارات وقطر مجتمعة، وهي ليست بحاجة لسيولة أجنبية، فأعتقد أن الخطوة تهدف إلى تعزيز جودة وفعالية السوق عبر جذب استثمارات جديدة، حيث حرصت هيئة سوق المال على انتقاء المؤسسات المالية الأجنبية الكبرى ذات الخبرة والملاءة المالية الجيدة، واستقطاب فئات معينة من المؤسسات المؤهلة، وتتضمن الضوابط أن تكون المؤسسات الأجنبية مؤهلة للحصول على الموافقة للاستثمار، وتلبي معايير عديدة من بينها ألا تقل قيمة الأصول التي تديرها عن خمسة مليارات دولار تقريباً، وأن تتمتع بخبرة استثمارية لا تقل عن خمس سنوات، هذه اللوائح تأتي متماشية بشكل كبير مع توقعات السوق باستهداف نوعية متميزة من المستثمرين عبر منهجية تضمن الجودة، وتحقيق قدر أكبر من الأمان والفعالية للسوق.
وفيما يتعلق بتوظيف القرار إيجاباً أوضح أبالخيل أن قرار فتح تداول الأسهم للأجانب سيساهم في رفع نسبة التداول، وزيادة السيولة في بعض القطاعات غير المرغوب بالدخول فيها من قِبل عموم السعوديين، مثل قطاعي البنوك التقليدية والتأمين، كما أن القرار سيضيف نوعاً من التوازن لتنظيم السيولة وسيعمل على وجود عمق نوعي، ورفع كفاءة السوق، ووجود اختيارات أذكى وأقل مضاربية تأخذ الصبغة الاستثمارية، إضافة إلى وجود الشفافية بشكل أكبر، حيث ستكون هناك زيادة التغطية والمعلومات من الشركات المالية الأجنبية وخصوصاً فيما يتعلق بالاستشارات المالية وقيامها بعمل أبحاث عن السوق والشركات بالسوق مما يرفع حدة المنافسة بين بيوت الخبرة الاستشارية المحلية والأجنبية لتحليل السوق وقطاعاته ذلك سيعود بالنفع على المتداول بحصوله على معلومات وتحليلات برؤى مختلفة.
وفي سؤال حول ما حدث من ارتفاع بعض الأسواق الخليجية قبل إدراج مؤشراتها في مؤشر مورجان ستانلي ثم هبوطها المباشر وضمان عدم تكرار ذلك أوضح أبا الخيل أن هذا سابق لأوانه.
الانضمام إلى مؤشر مورجان ستانلي
وقال أبا الخيل إن انضمام السوق السعودي إلى مؤشر مورجان ستانلي، للأسواق الناشئة بات أمرًا متوقعاً إلى حد كبير، إلا أن هذا الأمر قد يستغرق أكثر من عامين على الأقل، كما أن هناك توقعات أن يمثّل السوق السعودي حوالي 4% من المؤشر، ليوازي بذلك ماليزيا وإندونيسيا وتايلند، وهناك فارق كبير بين السوق السعودي والقطري أو الإماراتي، فهيئة سوق المال بذلت جهودًا حثيثة لتحرير السوق، لكن من المتوقع أن تساعد مشاركة مؤسسات الاستثمار، وبخاصة الأجنبية، على التشجيع لوضع أفضل المعايير في السوق لأساليب وآليات إجراء البحوث وعلاقات المستثمرين ومساءلة الإدارة، كما أنها تساعد على تعميق السوق وتحسين السيولة وتحسين ضوابط حوكمة الشركات، ووفقًا للدراسات التحليلية التي أجرتها مورغان ستانلي، فالمملكة هي الأقل تحررًا من حيث القدرة على الدخول إلى الأسواق مقارنة بغيرها، وتبلغ القيمة السوقية للسوق السعودية نحو 565 مليار دولار تقريباً وتضم 169شركة مدرجة، كما تتجاوز حركة التداولات ملياري دولار يومياً، ويُعد مؤشر السوق السعودية الوحيد في منطقة الخليج الذي يمتاز بتنوع كبير من حيث تمثيل القطاعات، بما يشمل البنوك، والبتروكيماويات، والاتصالات، والخدمات الاستهلاكية، والتي تمتلك بمجملها حصة كبيرة من مؤشرات قياس الأداء، وهو ما قد يعطي السوق حماية من أي انخفاض شبيه بالذي حصل في الإمارات أو قطر.
وأضاف أبالخيل: ارتفعت حدة التذبذب في أسواق الإمارات بعد أن تم إدراج مؤشرها في MSCI في يونيو 2013 من 13.1% إلى 23.2% وفي قطر ارتفعت حدة التذبذب بعد الإدراج من 7% إلى 15%، كما زادت الاكتتابات في الإمارات في الفترة ما قبل الإدراج (حوالي سنة ونصف السنة) من 7 اكتتابات إلى 20 اكتتاب سنوياً، وزادت أحجام التداول في السوق خلال ستة أشهر قبل الإدراج وستة أشهر بعد الإدراج بحوالي 61.5% في الإمارات وحوالي 14.1% في قطر.
وحول الوضع بشكل عام للسوق السعودي أوضح أبا الخيل أن السوق يعتمد على عناصر العرض والطلب وتفاعل المتداولين والسيولة المتاحة، والأسواق العالمية كافة في تذبذبات مستمرة، هبوطاً وصعوداً وليس السوق السعودي فقط، هناك نظريات وإحصاءات واقتصاديات تتطور حول هذا الموضوع على المستوى العالمي، وبالتالي هناك أكثر من طريقة لقياس أداء أي سوق، لكن بشكل عام أعتقد أن أداء السوق لا بد أن يكون قريباً من أداء الشركات المدرجة وعناصر الإيرادات والأرباح وتوقعات النمو، وأنا أرى أن المتداولين أصبحوا أكثر دراية ووعياً بكيفية الاستثمار، وأصبح المؤشر أقل تذبذباً ولكننا ما زلنا بحاجة إلى دخول مزيد من المستثمرين المؤسسين لكي تزيد فعالية السوق ويصبح المؤشر أكثر دقة في عكس أوضاع الشركات المدرجة فيه.