عندما أطلق أحد العقلاء عبارته المشهورة (الأماني رأس مال المفلسين) قبل سنوات عديدة, لم يكن يعلم أن زماناً مثل زماننا هذا سيأتي, فيه أقوام يعيشون فقط على الأماني والأحلام. وقد يلومني لائم ويقول: إنك تبالغ في ذلك وتظلم الناس وأبناء هذا الزمن. وإذا كنت كذلك, فبماذا نصف هؤلاء القوم الذين لا يعملون وينتظرون أن تحل كل مشاكلهم وهمومهم وهم نائمون في بيوتهم.. ثم يتهمون المجتمع بأنه لا يلتفت إليهم ولا ينظر إلى حالهم؟
لا يكفي أن يقول أحدهم حاولت وسعيت وجريت ولم أحصل على ما أريد. فالمحاولة والسعي يستمران حتى يصل الإنسان إلى هدفه مستعيناً بالله, متوكلاً عليه.. فمن يطرق الباب عشر مرات أو أكثر فلا بد وأن يفتح له الباب.
وقد جاء رجل ذات مرة إلى مفسر الأحلام المشهور ابن سيرين وطلب منه أن يعبر له رؤياه, حيث قال له ابن سيرين: لله درك أنت رجل كثير الأماني.. فمن بالله منكم يستطيع أن يسبح بدون ماء؟ ومن يقدر على الطيران في الهواء؟ وقد فعلها عباس بن فرناس ذات يوم وكان مصيره الموت.
الأماني لا تحقق شيئاً أبداً, ولكن السعي والعمل والتوكل على الله واللجوء إليه.. هذه العوامل تصل بالإنسان إلى جزء مما يتمناه إذا لم يكن كله.
ومن الأعمال التي تعين على قضاء الحوائج, القيام في النصف الأخير من الليل, حيث ينزل رب العزة والجلال نزولاً يليق بجلاله ويقول بما معناه: هل من داع فأجبه؟ هل من سائل فأعطه؟. هل من مستغفر فأغفر له؟
واسكب يا أخي دمعة بين يدي الله واصدق في اللجوء إليه وتوسل إليه وتذلل له, فلن يردك خائباً.. فما بالنا نقول على قيام ساعة من الليل بأننا لا نستطيع. وإذا قيل لنا إن (سين) من الناس يمكن أن يساعدنا ويعيننا تجدنا لا نمل ولا نكل من التردد عليه ونقطع المسافات والساعات ونكرر المحاولات أياماً وشهوراً وسنين ونرى في ساعة من الليل شيئاً صعباً جداً. سبحان الله, ما أعجزنا وما أجهلنا بمصلحتنا!