لفت انتباهي مقال رائع في صفحة عزيزتي الجزيرة للأستاذ خالد الدوس، وهو الباحث الاجتماعي المهم، الذي تحدث عن علاج ظاهرة التعصب الرياضي، التي تعتبر ظاهرة طبيعية بين المشجعين وغير مقبول انتشارها إعلامياً؛ فالإعلام يعتبر مسؤولاً مباشراً عن تخفيف الاحتقان الجماهيري والتصريحات النارية ذات العبارات غير اللائقة.
توالت أحداث متتالية عدة على الساحة الرياضية، يشيب لها الرأس، ويندى لها الجبين، وأشعر بالأسى لوجودها بيننا.
يفاجئنا مركز (واعي) للاستشارات بحالة تعدٍّ فريدة من نوعها، حين أقدم مواطن على طلاق زوجته بالثلاث في حال خسر فريق الهلال نهائي بطولة آسيا.
وبصرف النظر عن ملابسات القضية إلا أن أشباه الرجال ما زالوا في وقتنا الحاضر.
في السياق ذاته أكتب مقالي وفي النفس غصة وكلمة عتب للدعاة ولعلمائنا الأجلاء إثر ملابسة تويترية وجدل رياضي أدى لتراشق ناري، أقحمت فيه العقيدة والوطنية بتغريدات حملت ردود أفعال وزخماً من قِبل المتابعين، وإن كان هناك اختلاف في وجهات النظر؛ لأن الرياضة لا تبنى على روابط دينية أو قبليّة، وهمسة للمسؤولين وتصريحاتهم في الأندية وتدني مستوى الرياضة السعودية، بالرغم مما يصرف عليها من أموال طائلة ودعم من الدولة والأثرياء وأعضاء الشرف؛ ما زاد حدة التعصب الرياضي إلى جانب الإعلام المحبط الذي ولّد العداوة بين الأندية الرياضية والجماهير، وأصبح لاعبو المنتخب لا يلعبون وطنية بل يلعب أحدهم لناديه بتفانٍ أكثر من لعبه لوطنه مع المنتخب لعدم وجود انسجام وروح فريق بسبب هذا التعصب.
وما نطمح إليه وجود لاعبين يتمتعون بوطنية، وليس من أجل النادي والمادة والشهرة والسيارات التي أفقدت اللاعبين الاحتراف والمهنية.
وما يثير الدهشة استنكار مغردي مواقع التواصل الاجتماعي صورة لستة طلاب، قام أحد المعلمين بمدرسة لتحفيظ القرآن بتصويرهم وهم يحملون لافتة كتب عليها عبارة: «كلنا سيدني». ما قام به المعلم مخالف لجميع الأنظمة، وإن كان عملاً فردياً لا يمثل التعليم والرياضة بتاتاً إلا من قام به، ولكنه إساءة للرياضة إن صح المعنى.
في المنافسات المحلية تتنوع السخرية، وتتفنن الجماهير في تقديم الدعم وإعلان المنافسة بمقاييس الحرية نفسها. تعصب رياضي غير مسبوق.. إثارات وتهديدات كانت محط جدل لبعض الإعلاميين ممن لهم ثقلهم في المجتمع، ويسهمون بشكل كبير ولافت للنظر في تفشي الظاهرة بدلاً من نشر الوعي. والأدهى من ذلك ما تقوم به بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة بتبنيها؛ وبالتالي المجازفة بسمعة الرياضة السعودية.
أشيد بوجهة نظر إخوتنا في الجوار بقول: «كلنا في الخليج
هلاليون» في تغريدات متتالية مغلفة بروح الوحدة الخليجية والرياضية التي تفوح من التغريدة، متمنين أن تسود هذه الوحدة المناشط كافة.
وفي الحقيقة، لا يمكن اجتثاث التعصب الرياضي طالما هناك منافسات رياضية، ولكن المطلوب الحياد من قِبل الإعلاميين المنتمين لكل الأندية، ونعي أن الهدف الحقيقي من الكرة هو التسلية والمتعة فقط وتقبُّل الفوز والخسارة بروح رياضية، مدركين أنها نتيجة حتمية لا محالة، ونسيطر على الإعلام المتسبب في إشعال الأزمة، وأن يكون هناك نظام للحد من هذه المهاترات حفاظاً على قيمنا وشريعتنا، سواء كانت على المستوى المحلي أو أمام المحافل الرياضية، فهو مطلب مهم، ولكل جمهور الحق في التعبير عن حبه وإعجابه أو حتى عدم تعاطفه المطلق مع المنافس، طالما أنه يحترم حقوق الآخرين.
نجوى الأحمد - الرياض