-1-
بوابة الورود وملتقاها الثقافي:
-- عندما يستجيب الواحد منا لمناسبة داخل مدينته أو خارجها فهو لا يبتهج فقط بالاستجابة وحضور مناسبة من دعاه بل يمتد ذلك إلى ابتهاجه بلقاء أعزة وأحبة يراهم بهذه المناسبة الجميلة.
في زيارتي لمنطقة تبوك ((بوابة الشمال)) بل أسميها ((بوابة الورود)) ليس بعبق زهورها فقط وإنما أيضاً بعبق أخلاقيات أهلها.
في هذه الزيارة حضرت وشاركت بملتقى نادي تبوك الأدبي الذي وفق مجلس إدارته باختيار موضوع مهم «الثقافة والانتماء»... يتماهى مع الأحداث ويتناغم مع ما يمر به الوطن الغالي من تحديات حيث كان العنوان: ((الثقافة والانتماء)) وقد كان ملتقى ناجحاً بعنوانه الأثير وحضوره الكبير والإعداد المتميز له. وإنني أحيي وأهنئ نادي تبوك على نجاح الملتقى وفي مقدمتهم أعضاء مجلس إدارة النادي ورئيسه الشاعر والصديق الخلوق نايف الجهني.
=2=
حوارات ثقافية وطنية في لقاءات الأمير
كان من أجمل ما في هذا الملتقى لقاءات سمو أمير المنطقة الأمير فهد بن سلطان المثقف والواعي والمحب لهذه المنطقة والمتابع لتطورها، لقد التقى ضيوف الملتقى مع سموه مرتين بيوم واحد مع أعضاء مجلس النادي ونخبة من مثقفي ومثقفات تبوك.
كان اللقاء الأول بمجلسه بالإمارة بحضور ضيوف وضيفات الملتقى وأعضاء وعضوات مجلس نادي تبوك ونخبة من مثقفي ومثقفات تبوك واستمر اللقاء على مدى قرابة ساعة وربع وكانت الجلسة ندوة وطنية رائعة وحواراً ثقافياً شفافاً مع الأمير وكان مرتكز الحديث: التحديات التي تواجهها المملكة خارجياً والحراك التنموي الذي تعيشه المملكة داخلياً وركز سموه على دور المثقف السعودي عبر الكلمة والشاشة ومواقع التواصل للرد على الافتراءات التي تلصق بديننا وبلادنا فضلاً عن مواكبة تطلعات الدولة ونشر الوعي بين المواطنين للحفاظ على أمن وطنهم ونمائه وقال سموه ((نحمد الله أننا نعيش هذا العهد الزاهر.. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي أسميه ((القائد الاستثنائي)) فقد كانت له منجزات خلال مدة قصيرة سواء على المستوى الخارجي عندما أثبت قوة المملكة ومحبتها للعدل وتمثل ذلك بأمره ((بعاصفة الحزم)) لإعادة الشرعية لليمن وحماية حدودنا الغالية ثم تبعتها ((إعادة الأمل)) لعودة الاستقرار لهذا الوطن الشقيق، ثم منجزاته على المستوى الداخلي التي نراها يوماً يوماً بعد آخر والاهتمام بإنسان هذا البلد الكريم.
وقد استشهد سموه بمسيرة المرأة تعليماً وعملاً وهو يخاطب المثقفات قائلاً: ((إن المرأة السعودية ولله الحمد وصلت إلى أعلى المستويات العلمية، وأرقى المناصب العملية، كل ذلك مع حفاظها على ثوابتها الدينية وقيمها المضيئة وعلى حجابها الذي لم يحجب عقلها وعطاءها)).
وفي المساء كانت لنا مع سموه جلسة ثانية بقصر سموه بحضور المشايخ ومسؤولي المنطقة وعدد كبير من أهالي تبوك وامتد الحوار فيها إلى ملمح تاريخي واهتمام سموه بالتاريخ السعودي تحديداً، وقد أشار خلال حواره إلى: أن الحكم السعودي جاء محققاً لنشر العقيدة، ووحدة البلاد بتضامن الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب، وعندما استعاد الملك عبدالعزيز ملك أجداده ووحد هذا البلد الأمين تمت له غايته فكانت الثمار -بفضل الله-: هذا الأمن الوارف والتنمية الشاملة وقد سار أبناؤه على هذا النهج يبذلون الغالي والرخيص من أجل هذا الوطن، وهاهو الملك سلمان -حفظه الله- يتولى القيادة متمسكاً بهذا النهج ومضيفاً إلى ما قدمه إخوانه رحمهم الله.
أذكر وأنا أشير إلى عناية الأمير فهد بن سلطان بالتاريخ وقراءته له.. أذكر أن سموه كان من أكثر المحتفين بمذكرات علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- الذي كان ينشرها ((بالمجلة العربية)) فقد اتصل بي سموه وقتها طالباً أن أنقل رجاءه للشيخ حمد بأن يطبع مذكراته في كتاب، وقد أبلغت الشيخ حمد بهذه الرغبة فاستجاب ولكن طلب أن يكون ذلك بعد مغادرته الدنيا، وفعلاً تمت طباعة ((سوانح ذكرياته)) بعد رحيله رحمه الله.
3-
تبوك: اخضرار وخير ومطار تحفة
منطقة تبوك تفاجئك بكل زيارة بتسارع نموها وتطورها وأول مفاجأة جميلة كان مطارها الذي رأيناه تحفة في جماله وسعته وإمكاناته، وكأنك في أحد المطارات الرئيسية (جدة أو الرياض أو الدمام أو المدينة) وأنت ترى هذا المطار.
عندما تتجول بتبوك تشاهد جمال وسعة شوارعها وحدائقها الغناء التي لا أعتقد أن مدينة بالمملكة تضاهيها بحدائقها فيها فضلاً عن تطورها بجميع الفضاءات التنموية، ويعاضد ذلك انتشار وفعالية مؤسساتها المدنية التي كان رائدها سمو أميرها بجمعيته الخيرية ذات النشاط الواسع الخيري والاجتماعي والثقافي بمحافظات المنطقة كافة، وقد رأينا عن بُعد ((جامع الوالدين)) بمناراته الأربع الشامخة، وكم تمنينا لو زرناه لكن الوقت لم يسعفنا، وقد سماه بانيه الأمير فهد باسم جميل هو عنوان البر: ((جامع الوالدين))ناهيك عن جامعة الأمير فهد بتخصصاتها وكلياتها المتميزة كافة التي تعاضد جامعتها الحكومية «جامعة تبوك» التي سبق أن زرتها بدعوة من معالي مديرها زميلنا السابق بمجلس الشورى الدكتور الفاضل عبدالعزيز العنزي واطلعت على منشآتها والمكتسبات العلمية والمعرفية التي حققتها.
-- وأخيراً إن أبناء تبوك القادرين بدؤوا يسيرون على نهج أميرهم وإن كنا نتطلع منهم إلى المزيد من الإسهام بتطور تبوك، ودعم مؤسساتها الاجتماعية الخيرية.
تحية لتبوك أرضاً وأميراً وإنساناً ومثقفاً.