تجزم أحياناً أنك عثرت على أخ لك لم تلده لك أمك، لا يكون مقياس العلاقة بينكما المصلحة المادية التي تشكل الكثير من العلاقات في الوقت الحاضر! لكنك تقيسها ويقيسها بمدى المتعه الناتجة من مصداقية التعامل ونبل المشاعر وشفافية العلاقة وسموها في زمن غلبت عليه المصالح والبحث عن المنافع الشخصية!.
تحتسى معه رشفات من الوقت الجميل، ولكن فجأة يحدث مالم تحسب حسابه، فبينما انتما تسيران في طريق الحياة المليء بالمطبات وبدون مقدمات يخلع يده من يدك ويبتعد عنك، هاهو يسير في الاتجاه المعاكس بعد أن غير المسار، مبتعداً لتسمعه من بعيد يتمتم بكلمات لم تتعودها منه لكنها تعني أنه لم يعد صديقاً.. تقف وحيداً تنظر إليه وهو يغادر المحطة دون وداع! تعزي نفسك فتقول هل أنا إلا ريشة في مهب رياح الأقدار! هل يمكن لشخص أن يخرج من دائرة اللامشيئة واللا إرادة التي تسير بها حياته.. ما أقسى الحياة عندما تاخذ منك صديقاً وتبقى مكانه فارغاً تزوره فلا تجد إلا الذكريات تعيدها إليك أحلام الليل أو صور جمعتكم في مناسبات الصفاء!.
أنه الزمن العجيب الغريب، فلا أحد لديه الاستعداد بالتماس العذر، لا يؤمن بمقولة لعل له عذر وأنت تلوم.. الناس في حالة تذمر دائم ولا أحد لديه قدرة على أن يحتمل أي شخص.. لذا فكثير من الصداقات حتى القديمة بدأت تنهار وكان أساسها قوي متين بدون سبب جوهري. الكثيرون كباراً وشباباً وحتى أطفالاً اشتكوا من حالات تبدل الأصدقاء وتغير أحوالهم.
الصداقات الطويلة هي ثمرة سنين العمر، وجمالها انها تختزن كنوز الذكريات والتي هي أساسا جزء من تكوينك الإنساني وهي نبتة رعتها وسقتها السنوات لتكون شجرة باسقة تظلك في سيرك في دروب الحياة وتساعدك على تحمل بعض من صعوباتها.. الصداقات الجديده لن تملاء الفراغ لأنك ستبدأ معها من أول السطر ففي أواخر العمر لا تكون الصداقات الجديدة عميقة متجذرة تحفل بالذكريات، وما الإنسان بلا ذاكرة وذكريات! أن الصداقة في مقتبل العمر إذا قدر لها أن تبقى فهي مصدر من مصادر الراحة النفسيه والاطمئنان بأن لك من يعرفك كما تعرف نفسك.. المحافظة على الأصدقاء من تعديات الزمان وتقلباته هي محافظة على التوازن الذي تنشده الروح ويسعد به القلب فما أجمل أن تفتح قلببك على مصراعيه في حضرة صديق صدوق.