قال الضَمِير المُتَكَلّم: «ما أن صدر القرار بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؛ إلا وارتفعت بيارق التفاؤل بقرب اجتثاث الفساد الموجود في جَنَبَات وملفات بعض المؤسسات؛ إذ هو العائق الوحيد أمام الوصول لمحطة التنمية الاجتماعية الحقيقية بعدما أصبح هذا العمل يُهدد وحدتنا الوطنية»، لذلك فإن الأمر يتطلب إصلاحًا إداريًا يعمل على تطوير وتحديث الأنظمة والقوانين وإلزام الأجهزة بتطبيق ذلك، مع وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لتقديم الخدمات العامة بالمستوى المطلوب، ووضع نظام للأجور والحوافز الوظيفية التي تحمي الموظف من براثن الرشاوى والمغريات التي يشعر أنه في حاجة ماسة إليها. تلك الجرائم التي يُصعب كشفها، ويقف القضاء حائراً أمامها، حيث الأنظمة البيروقراطية غير الواضحة ووجود أشخاص جاثمين على كراسيهم أعواما عدة في إدارات معينة ذات علاقة بالأمور الخدمية تثير الشكوك.
لقد وقعت المملكة وشاركت عدة اتفاقيات أصدرتها هيئة الأمم المتحدة لمراقبة تلك الآفة المُكلفة التي يتنافس عليها بعض الموظفين مما يتسبب في انتهاك الأنظمة خاصة الجنائي منها كصعوبة الشكوى ضد مسؤولين كبار (سلطة خفية) ومحاسبتهم لتسهل أعمال بعيداً عن الطرق الرسمية التي تقوضها ولا تريد لها أي إصلاح لأن مصالحها قد تتضرر. ففي دراسة علمية لـ د.الشهابي، د.منقذ داغد تبين أن معظم مرتكبي الفساد من موظفي الشباب، فهم أكثر ميلاً للمجازفة، وأن غالبية مرتكبي جرائم الفساد من حملة المؤهلات المتوسطة والدنيا، أما أهل الشهادات العليا فنجد أن حساباتهم أكثر دقة، ولكن الكارثة إذا تسلم شخص قليل التعليم سلطة ما، فكلما زادت مدة الخدمة أثر ذلك في سلوك الموظف واستعداده لارتكاب الفساد، ويُعيق قدرة الدولة على الاستثمار الأجنبي، فعندما يعرف الأجنبي أن هناك فساداً وحقوقاً قد تضيع فإنه يبتعد عن مملكتنا التي وضعت يدها على هذا الجرح العميق وهندسها الملك سلمان -حفظه الله- بمجموعة إجراءات وقرارات كرسالة واضحة صريحة للوزراء والمسؤولين، أن هناك سرعة محاسبة واتخاذ القرار، والدليل ما حدث من تغير في الهرم الإداري ولاسيما في القطاعات الخدمية وغيرها.
الواقع ينادي بأن تكون هجمتكم على الفساد وهواميره عاجلة، بأدوات حديثة تكشف كل عائق فاسد بمؤسساتنا كي لا تتكرر وتَتَجَدّد مشاهده، فهل أنتم فَاعِلون؟! نتمنى ذلك، فالضمائر متكلمة.
- مدير إقليمي للقطاع الغربي شركة علم لأمن المعلومات