تفجير مسجد القديح الذي ذهب ضحيته أناس ليس لهم أي ذنب سوى أنهم يعيشون على أرض هذا الوطن، وجرمهم الوحيد في نظر من أقدموا على هذا الفعل المشين أنهم يحبون وطنهم ويشكلون صفاً واحداً مع كافة أهلهم وإخوانهم في كافة أنحاء البلاد، فيما هذا الإرهابي القبيح تخلى عن الصف وذهب إلى أعداء الوطن وسعى لإثارة فتنة ليس لها بالدين ولا الإنسانية أي علاقة قط.
تفجير مسجد القديح مؤلم ليس لأنه الأول وليته يكون الأخير بقدرة الله، بل لأنه جاء في بيت من بيوت الله، إلى جانب أن من كانوا بداخله لم يركبوا الدبابات ويحملوا القنابل وليسوا في بلد مضطرب ولا داخل دهاليز حرب، إنما مسلمون أبرياء يعيشون في قرية بها العسكري والطبيب والمعلم والطالب والرجال والنساء والأطفال، يأكلون ويشربون مثلنا يتحركون مثلنا، يفعلون كل شيء كما نفعل.. لما ذهبتم لتقتلوهم بأمر من أعداء خارج الوطن لا يربطهم بهذا البلد أي رابط، سوى أنهم نجحوا للوصول لبعض أدواتهم من أبناء الوطن ليشقوا صف الوطن.
وجوه الأطفال في وسائل الإعلام كانت مؤلمة حد البكاء، إذ بأي ذنب قتلت هذه الأنفس البريئة، كيف لكم تقتلون طفلاً لا يعرف حتى جاءته لحظة الموت إن كان سنياً أو شيعياً، ثم أي نوع من البشر إن كانوا حقيقة بشراً من يتعاطفون مع هذا الفعل، وما الفرق بينهم وبين المنظمات الإرهابية السنية والشيعية التي تقتل الأبرياء في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
مملكتنا الحبيبة حضرت في كل مكان وتصدت لأفعال كثيرة يسعى لها الإيرانيون لجعل المجتمعات العربية تقاتل بعضها بعضاً بدافع طائفي قذر يذهب ضحيته البسطاء، فيما هم يفاوضون الغرب في أرقى المنتجعات والفنادق السويسرية، واتساقاً مع ذلك لم تكن تسمح لأحد أن يثير الفوضى والطائفية في بلد عرف الاستقرار منذ وحدة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، طيب الله ثراه، ولذلك كانت لكلمات المليك المفدى سلمان بن عبد العزيز أبلغ الأثر والتأثير على أهالي الضحايا عندما شدد لعضده الأيمن الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، بمحاسبة كل من فعل وخطط وشارك وحتى تعاطف وفي الأخيرة معنى كبير لأن من يتعاطف مع هذا الفعل المشين بالتأكيد ليس منا ولا نعرفه قط والواجب أن تنزل عليه أشد العقوبة، وإلا كيف يرضى بأن يقتلون أبناء بلده وهم آمنون مستقرون.
لقد حرك تفجير مسجد القديح فينا الكثير من المشاعر، جعل الجميع بلا استثناء يدركون أنهم مستهدفون من عدو واحد، يستخدم الطائفية ليصيبهم في مقتل، وبالتالي وجب علينا أن لا نسمح بذلك على الإطلاق، وقد ضرب أهالي هذا القرية الجميلة خير مثال بعد أن وقفوا في وجه كل من حاول أن يلعب على هذا الوتر ويثير المشاعر وصولاً لتحقيق الهدف وهو إثارة فتنة حتى ولو كانت على مستوى المشاعر فقط.
كلنا أبناء وطن واحد نحب بعضنا البعض نحمل ذات المسميات ونراجع ذات الدوائر ونسكن نفس الأمكنة، ونتبضع من ذات المحل ونسافر على ذات الطريق ونتشارك في ذات المطار، كل شيء على الأرض يجمعنا وقبل ذلك الدم يجمعنا والقربى. وسنستمر بإذن الله شركاء أيدينا بأيدي بعض نبني وطننا متسلحين بعون الله وتوفيقه ثم بالدعم والرعاية والعدل والمساواة من مليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وحكومته الرشيدة التي تسارع الخطى لتحقيق كل ما فيه خير وصلاح الوطن والمواطن. حفظ الله بلادنا من كل شر ودحر الأشرار وأهلكهم وكفانا أذاهم هو القادر على ذلك جلَّ شأنه.
- فوزية الصويان