نجيب الخنيزي
بداية أتقدم ببالغ العزاء لأهلنا في بلدة القديح الصابرة، وعموم محافظة القطيف، وعلى امتداد الوطن، باستشهاد وجرح العشرات من المواطنين الأبرياء، وذلك أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بلدة القديح ظهر يوم الجمعة 22 مارس من الشهر الجاري.
هذا العمل الإرهابي الجبان ارتكب بحق مواطنين أبرياء يؤدون فريضة صلاة الجمعة وفي بيت من بيوت الله، وقد جاء توقيت هذه الجريمة بعد حوالي 7 أشهر على جريمة بلدة الدالوة في محافظة الأحساء.
وواصل الإرهاب الأعمى جرائمه البشعة، حيث قام إرهابي متخفيا بزي امرأه بمحاولة تفجير نفسه في مسجد العنود في مدينة الدمام يوم الجمعة 29 من شهر مارس الجاري، غير أن الشكوك حوله دفعته للهرب، ولدى محاولة رجال الأمن الإمساك به، قام بتفجير نفسه بعيداً عن المسجد، مما أدى إلى استشهاد أربعة أشخاص يعتقد أن من بينهم الإرهابي الذي فجر نفسه وجرح آخرين.
لا شك ان تنظيم «داعش» يستهدف من وراء جرائمه البشعة زعزعة الأمن والاستقرار في وطننا الحبيب ومحاولة ضرب الوحدة الوطنية وإذكاء الفتنة بين مكونات النسيج الاجتماعي.
وفي الواقع فإن الجرائم البشعة التي يرتكبها «داعش» في العديد من البلدان العربية والإسلامية كما هو حاصل في العراق وسوريا وغيرها تعيد الى الأذهان ما ارتكبته جحافل التتار من جرائم لدى تسلطهم على دولة الخلافة العباسية المنهارة، إنهم بحق تتار القرن الواحد والعشرين.
لذا بات من الواجب معاينة الخطر المحدق المتمثل فيما تبثه بعض القنوات الفضائية والعديد من مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأثير أطروحات بعض الدعاة والمشايخ المتشددين «التكفيرين» على اختلاف توجهاتهم المذهبية، في تفخيخ وشحن العقول وبخاصة بعض الشباب الغض وقليل المعرفة والتجربة، بثقافة الكراهية والإقصاء إزاء الآخر، وهو المقدمة لتفخيخ البشر والحجر والشجر، إنهما يمثلان بحق وجهين لقطعة نقد واحدة. لذا لا بد من مواجهة هذا الخطر الداهم من الجذر وعلى جميع المستويات والأصعدة الأمنية والفكرية والسياسية والتربوية والدعوية. تجفيف المحاضن والمنابع الفكرية والمادية والاجتماعية للإرهاب باتت مسؤولية ملحة لا تتحمل التأجيل، وهي مسؤولية جماعية وفردية، إنها مسؤولية الدولة وأجهزة الأمن، إنها مسؤولية المجتمع والأسرة ومنظومة التعليم والإعلام، إنها مسؤولية خطط التنمية المتوازنة التي عليها أن تضع الحلول الناجحة لمشكلات البطالة والفقر، انها مسؤولية الساسة ورجال الدين والدعاة، ورجال الفكر والثقافة والإبداع، إنها مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني.
لقد بات من الضروري وأكثر من أي وقت مضى الإسراع في سن قانون أو نظام صارم يجرم كل أشكال التحريض والإقصاء ضد الآخر على أساس مذهبي أو مناطقي أو قبلي.
إدانة واستنكار ومواساة القيادة السياسية لضحايا الجريمة، وتعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بملاحقة المشاركين والمتورطين والمتعاطفين وتقديمهم إلى العدالة كان بمثابة البلسم على الجرح للمواطنين كافة، الذين توافدوا بكثافة من كل انحاء ومناطق الوطن لتقديم العزاء والمواساة وإبداء التضامن، مع ذوي الضحايا ولأخوتهم في محافظة القطيف.