انطلاقاً من إيمان المملكة العربية السعودية بمسؤوليتها التاريخية والأخلاقية والإنسانية، ونهوضاً منها لخدمة جميع المسلمين في مختلف أرجاء الأرض، ودعمهم ومساعدتهم والوقوف إلى جوارهم... ولاسيما في الكوارث والأزمات والملمات، وترجمة صادقة منها لمبدأ التضامن الإسلامي الذي رفعته بإخلاص وصدق، فقد سعت المملكة العربية السعودية إلى توفير الآلية الملائمة لتحقيق هذه الأهداف الإنسانية النبيلة وتلك الغايات الإسلامية المسؤولة.
لقد استحقت المملكة أن يطلق عليها «مملكة الإنسانية» بناء على خدماتها وإنجازاتها الإنسانية وإسهاماتها الفاعلة لتي تقدمها على الصعيد الوطني والعربي والإسلامي والعالمي.
إن البعد الإنساني في شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبد العزيز» تظهر جلية في مجال العمل الخيري والتطوعي حيث كان لخادم الحرمين الشريفين وفقه الله الدور البارز في الارتقاء بهذا المجال مما كان له الأثر الكبير لتكون المملكة العربية السعودية من أكثر بلاد العالم في هذا المجال الحيوي النبيل من خلال تقديمها للمعونات والإغاثة للمحتاجين وأصحاب الحاجة في مختلف مناطق العالم، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نجده وقد ترأس المجلس التنسيقي للجمعيات الخيرية العاملة بمنطقة الرياض، والرئيس الفخري للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض، والرئيس الفخري للجمعية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، كما أنه رئيس مجلس إدارة جمعية البر وفروعها بالرياض، والرئيس الفخري لمجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض، رئيس اللجنة العليا لأوقاف جامعة الملك سعود، ورئيس مجلس إدارة جمعية الملك سلمان للإسكان الخيري، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض، ورئيس مشروع ابن باز الخيري لمساعدة الراغبين في الزواج، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد العزيز بن باز الخيرية، ورئيس مجلس إدارة مركز الرياض للتنافسية الذي يعنى بشؤون الرفع من تنافسية منطقة الرياض وتحسين مستوى العمل الإداري فيها.
وها هو أيده الله يعزز قيمة المملكة العربية السعودية لتؤكد إنسانيتها ونبل أهدافها بقراره السامي الكريم القاضي بإنشاء «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» والذي جاء انطلاقاً من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف التي توجب إغاثة الملهوف وتحث على مساعدة المحتاج، للحفاظ على حياة الإنسان وكرامته وصحته، وامتداداً للدور الإنساني المتقدم للمملكة، ورسالتها العالمية في هذا المجال.
خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» صاحب التاريخ الحافل بالإنجازات والمبادرات، حيث يعتبر من المؤسسين للنهضة الحضارية والتنموية الحديثة التي شهدتها المملكة العربية السعودية في العقود الماضية، مما جعله يحظى باحترام وتقدير شديدين من السعوديين خصوصاً وأشقائهم الخليجيين ومن الأمتين العربية والإسلامية بل والعالم قاطبة.
إن صدور هذا القرار وفي هذا التوقيت من خادم الحرمين الشريفين ليؤكد على البعد الإنساني النبيل الذي ينطلق من القيم والثوابت الدينية والأخلاقية والاجتماعية التي ارتكزت عليها هذه البلاد الطاهرة، ولن يقتصر عمل هذا المركز على مساعدة دولة معينة أو فئة محددة فحسب بل تأتي جهوده لتغطية كافة الاحتياجات الإغاثية في جميع أنحاء العالم وبالتنسيق مع الجهات الإغاثية المتعددة ليشكل بذلك عدالة المملكة وإنسانيتها كفلسفة رئيسية لمنهجها، وبهذا فإن هذا المركز هو بحق أداة ووسيط لإعادة الأمل لكل من فقده نتيجة كارثة طبيعية أو أزمة سياسية أو غير ذلك، وليرسل للعالم رسالة واضحة توضح حرص المملكة على تحقيق السلم والسلام والحفاظ البالغ على الإنسان وإشباع احتياجاته في الرخاء والشدة.
إن تطلعات المجتمع من هذا المركز كبيرة، فتنسيق الأعمال الإغاثية ضرورة من ضروراته، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، كما أن بناء قدرات القائمين على المركز هامة وضرورية، فالعمل الإغاثي يحتاج إلى عدد من المؤهلين الذي يملكون قدرات ومهارات فنية وجذب متطوعين وغيرة وهي احتياجات تنظيمية ملحة، كما أن اتصال المركز بالجهات الخيرية والتطوعية القائمة في المجتمع تمكنه من تنظيم الجهود المبعثرة وتنميتها، ومن ناحية أخرى فإن الدراسات والبحوث في مجالات العمل الإغاثي لابد من تأصيلها للاستفادة من التجارب السابقة في هذا المجال.
ومن إشهار الجميل وإظهار الفضل والتحدث بالنعمة والشكر لمسديها فإننا نشكر المولى عز وجل أن هيأ لهذه البلاد خاصة وللأمة عامة من يحمل همومها ويسعى لرفاه شعوبها ومعاونة كل بني الإنسان لتجاوز محنهم وأزماتهم، ونرفع أسمى آيات العرفان والتقدير ونزجي أرقى وأرق عبارات الشكر والامتنان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبد العزيز»، لما تفضل به من مبادرة متميزة ولفتة حانية ويد بيضاء تمتد بالحب والخير والعطف والوفاء لكل محتاج، فكل مهتم بالشأن الاجتماعي والعمل التطوعي والخيري والإنساني في المملكة وخارجها يدرك مدى نبل هذا التوجه وأهميته بالتزامن مع ما يشاهده العالم الآن من أحداث مأساوية ومعاناة لملايين من شعوب الأرض، إضافة إلى أهمية هذه المبادرة في مواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون، ومن ناحية أخرى: ما ترسمه هذه المبادرة الرائعة من ترسيخ لدور المملكة الإنساني كقائدة للعالم العربي والإسلامي، ومتبوئة للمكانة الدينية التي خصها الله بها كقبلة للمسلمين ومهوى لأفئدة المؤمنين، وراعية للإسلام والسلام والاستقرار والتنمية في كل زمان ومكان.
وفق الله خادم الحرمين الشريفين وأطال الله في عمره ليشهد ثمرة ما قدمته وتقدمه يداه من خير تنتفع به مجتمعات العالم العربية والإسلامية والدولية.
د عبد الله بن سعد الرشود - عميد مركز دراسات العمل التطوعي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية