تأخير قضاء رمضان
* ما حكم تأخير قضاء رمضان إلى دخول رمضان الثاني؟ وماذا يجب أن يفعل الإنسان في هذه الحال؟
- مَن أفطر في نهار رمضان إما أن يكون بعذر أو بغير عذر.
فإن كان بغير عذر ففعله حرام، وعليه أن يتوب إلى الله - جل وعلا -. وقد جاء فيه الوعيد الشديد: «مَن أفطر يومًا من رمضان من غير عُذرٍ لم يقضه صوم الدهر وإن صامه» [أبو داود: 2396]. وعلى هذا يجب عليه القضاء في قول عامة أهل العلم. والحديث إنما خَرَج مخرج الزجر والتهديد، فيجب عليه القضاء قبل دخول رمضان الثاني، وعليه أن يتوب مع ذلك ويستغفر ويندم على ما فات، ويعزم على ألا يعود بشروط التوبة المعروفة.
أما إذا كان فطره لعذر فإنه لا إثم عليه، لكن يلزمه أن يقضي قبل دخول رمضان الثاني، فإن أدركه رمضان الثاني قبل القضاء فقد جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - أنه يلزمه مع القضاء الإطعام. وجمع من أهل التحقيق يرون أنه لا إطعام عليه وإنما يكفيه القضاء. وفي (صحيح البخاري) قال: إن الله - جل وعلا - إنما قال: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّة مِّنْ أيام أُخَرَ يُرِيدُ اللّه بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّة وَلِتُكَبِّرُواْ اللّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة.
[البخاري: قبل 1950]، ولم يذكر إطعامًا، فإذا اكتفى بالقضاء كفاه ولو لم يُطعم، وإن أطعم من باب الاحتياط واتباعًا لمن قال به من الصحابة، وهو قول كثير من أهل العلم، فهو حسن.
* * *
الصوم بالاعتماد على الحساب الفلكي
* هل يجوز الصوم بالاعتماد على الحساب الفلكي دون الرؤية البصرية للهلال؟
- بالنسبة للاعتماد على الحساب فهذا مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» [البخاري: 1909]، يعني: لرؤية الهلال؛ فلا يصام إلا إذا رُئي هلال شهر رمضان، ولا يفطر إلا بعد رؤية هلال شوال أو تكميل الشهر. والمقصود أن الاعتماد على الحساب قول شاذ، لا يعتد به، ولا يعول عليه؛ لأنه مخالف للنص؛ فالنص صريح صحيح في أن الاعتماد على الرؤية البصرية للهلال؛ فلا يجوز الاعتماد على الحساب إلا في حال تكميل الشهر، فإذا رُئي هلال شعبان، ثم أُكمل شعبان ثلاثين يومًا، فإنه حينئذ يصوم الناس؛ إذ لا يمكن أن يزيد الشهر على ثلاثين، وقُل مثل هذا في شهر رمضان، ولاسيما إذا حال دون رؤيته شيء.
* * *
إكمال تناول السحور
* إذا أذّن المؤذن ولم أكمل السحور، أو كانت اللقمة في يدي فهل آكلها أم علي أن أمسك فور سماعي المؤذن؟
- إذا أذَّن المؤذن المتقيد بدخول الوقت فإنّه لا يمنع من إكمال الشربة التي بيده واللقمة التي بيده على أن ينهيها بسرعة بحيث لا يأكل بعد طلوع الفجر، فما كان بيده من لقمة سهلٌ مضغها، أو شربة ماء، فإن هذا لا يضر إن شاء الله تعالى. أما الاستمرار في الأكل بعد التحقق من طلوع الفجر فلا شك أن هذا مفطِّر، ولاسيما إذا عرفنا أن المؤذن يؤذن على طلوع الفجر. أما إذا عُرف من عادة المؤذن أنه يتقدَّم فلا مانع منه؛ لأنه لا يمنع الأكل كما جاء في الحديث: «لا يمنعن أحدَكم أذانُ بلال من سحوره، فإنه يؤذن بليل» [البخاري: 621]. المقصود أنّه إذا عرف من حاله أو من عادته أنه يؤذن قبل الفجر فإنه لا يمنع من الأكل، أما إذا عرف من حاله التقيد بالوقت فإنه يمنع من الأكل، أما ما كان شيئًا يسيرًا فإنّه لا يؤثر إن شاء الله تعالى.
* * *
أجر الصيام في مكة المكرمة
* هل الصيام يضاعَف في مكة كما تضاعف الصلاة؟
- الصلاة جاء فيها النص الصحيح الصريح، وأنها بمائة صلاة بالنسبة للمسجد النبوي، وبمائة ألف صلاة بالنسبة لغيره من المساجد [ابن ماجه:1406]. وجاء ما يدل على أنها في المسجد الأقصى بخمسمائة [شرح مشكل الآثار:609]. فالصلاة متفق على تضعيفها بهذا النص الصحيح الصريح. أما ما سواها من العبادات فإن بعض أهل العلم قاسها على الصلاة، وقال: إنّ المضاعفة كما هي في الصلاة فغيرها من العبادات تقاس، لكنّ الأكثر على أنها لا تقاس؛ فليس الصيام بمائة ألف صيام، ولا الزكاة بمائة ألف زكاة، وهكذا. ولا شك أن أجر الصيام بمكة أعظم وأكثر، لكن لا يبلغ إلى حد المضاعفة التي جاء النص فيها بالنسبة للصلاة بمائة ألف صلاة. ومثل الصيام سائر الطاعات؛ لأن للمكان وللزمان المعظم شرعًا أثرًا في إحداث القُرَب فيه.
يجيب عنها - معالي الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء - عضو اللجنة الدائمة للفتوى