يجيد البعض صناعة الوهم، ويجيد أيضاً غرسه بعقول البشر، والأشد بلاءً بيعه لآخرين!
الحقيقة مُرة وصعبة، وأقناعك أنك تعيش بوهم أمرّ بكثير!، فالانتقال من حياة الوهم الى الواقع صعب جداً، لأنه قرار «عقلي ومصيري»، وتغيير في نمط ومعادلات الحياة الجديدة، فالوهم مخدر للعقول، أي نعم، لقد كنت مخدراً طيلة حياتك! وكنت تعيش حالة من النشوة والاستقرار النفسي الوهمي.
أن أكبر داعم لنجاح الوهم « الثقة الزائدة بالنفس» وعدم الالتفات لكلام الآخرين، فالوهم يضع هالة فوق عقل الشخص، تمنع أن تدخل نصيحة مؤثرة عبر الأذن، ويمثل عدد هؤلاء معظم شرائح المجتمع، فلكل إنسان وهم يعيشه، فأما وهم أيدلوجي ديني أو وهم الحب أو وهم النجاح، أو ربما وهم بسوق الأسهم.
الساحر مثلا يوهم الجميع أنه قادر على فعل ما، والجميع أضمر بقلبه مسبقاً قدرة الساحر على هذا، وهو ينتظر نفس النتيجة، فيقتنع بما يراه: كقوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (66) سورة طه.
يذكر أن هناك ثلاجة كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية، ويوم ما دخل عامل إلى الثلاجة في نهاية الدوام آخر الأسبوع، وكانت عبارة عن غرفة كبيرة عملاقة، فجأة وبالخطأ أغلق على هذا العامل الباب، فطرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد، حيث إن اليومين القادمين عطلة فعرف الرجل أنه سوف يهلك، لا أحد يسمع طرقه للباب! جلس ينتظر مصيره، بعد يومين فتح الموظفون الباب، وفعلاً وجدوا الرجل قد توفى، ووجدوا بجانبه ورقة، كتب فيها شعوره قبل وفاته، حيث قال: أنا الآن مسجون في الثلاجة، وأشعر بأن أطرافي بدأت تتجمد، وأشعر بتنملها، وأنني لا أستطيع أن أتحرك، وأنني سأموت من البرد، وبدأت الكتابة فضعف شيئاً فشيئاً، حتى أصبح الخط ضعيفاً، إلى أن.. فأنقطع نفسه! العجيب أن الثلاجة كانت مطفأة ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً!
برأيكم من الذي قتل هذا الرجل؟ لم يكن سوى «الوهم» الذي كان يعيشه.