تونس - فرح التومي:
لا يزال الجدل قائماً هنا حول النتائج المسجلة لزيارة الدولة التي أداها منذ أيام قليلة الرئيس الباجي قائد السبسي على رأس وفد رفيع المستوى إلى واشنطن. ففي حين هلل أنصار السبسي بهذه الزيارة «التاريخية» إلى البيت الأبيض؛ إذ كانت له لقاءات مميزة مع الرئيس أوباما وكبار المسؤولين في الدولة والكونغرس الأمريكي، صرح الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة المتحالفة مع حركة نداء تونس، التي تقود الائتلاف الرباعي الحاكم، بأن هذه الزيارة تندرج في إطار سلسلة من الزيارات النافعة للبلاد، وموضحاً أن زيارات السبسي انفتحت على كل الأبعاد المغاربية والعربية والإفريقية والأوروبية والأمريكية، مجدداً تأكيده أن مشاركة النهضة في حكومة الحبيب الصيد وتوافقها مع السبسي ومن ورائه حركة نداء تونس مسألة جدية.
إلا أن الشق المعارض لهذه الزيارة يصر من جهته على القول بأن زيارة السبسي لأمريكا كانت فاشلة، ولم تفِ بوعودها بالرغم من الهالة الإعلامية التي رافقتها، وذلك على خلفية اتفاق التفاهم طويل المدى الذي أمضته تونس مع البيت الأبيض، والذي يؤكد هذا الشق أنه اتفاق يرتهن تونس في ركن المنفذ لقرارات أمريكا العسكرية تجاه البلدان القريبة جغرافياً، وعلى رأسها الجارة ليبيا.
من جهته، قال رياض المؤخر النائب بالبرلمان عن حزب آفاق تونس (حليف النداء)، الذي رافق السبسي إلى أمريكا، إن هذا الاتفاق تضمن 3 مستويات كبرى، وهي تعنى أولاً بالجانب الأمني؛ إذ وافق الرئيس أوباما على منح تونس مرتبة الحليف الرئيسي غير العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في انتظار عرض المسألة على الكونغرس، وهو ما من شأنه أن يفتح الباب للاستفادة من حيث التكوين والاستعلامات، والحصول على تجهيزات متطوّرة، وذلك في إطار الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب.
من جهة ثانية، تهتم هذه المذكرة بالجانب الاقتصادي أيضاً؛ إذ من المنتظر أن يتمّ إحداث لجنة مشتركة بين الطرفين التونسي والأمريكي، تلتقي كلّ سنة من أجل دفع التعاون.
وقد اعتبر المؤخر أن النجاح في هذا المستوى يتطلب ضرورة المضي في القيام بالإصلاحات الضرورية من قبيل قطاع الديوانة ومجلة الاستثمار والمجال البنكي والجباية ومحاربة الفاسد لتكريس منطق الشراكة بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية التي أعربت عن تعاونها في هذا المضمار.
وفي مستوى ثالث، تمّ تخصيص المجال في هذه المذكرة لدعم التعاون التقني والتكويني والمادي (منح جامعية) والتكنولوجي على الصعيد التعليمي والثقافي لفائدة الشباب بالأساس.
وقد فوجئ الرأي العام والطبقة السياسية بموقف حزب آفاق تونس المساند لرئيس الدولة في وقت يواجه فيه الحزب «نيراناً صديقة» من طرف قيادات ندائية، رأت في انتقادات آفاق تونس لأداء حكومة الحبيب الصيد تراجعاً عن التوافق بين الحزبين وسعياً من بعض القيادات إلى كسب أنصار جدد من أحزاب خارج السلطة، ومحاولة مفضوحة للإطاحة بحكومة الصيد لفسح المجال أمام تشكيل حكومة أخرى، يكون فيها لآفاق تونس نصيب أكبر.