هذه الحياة جميلة ورائعة، والأجمل تلك الروح الإنسانية التي بثها الله سبحانه وتعالى بيننا، هذه الحياة لا تخلو من أفراح وأحزان، من دموع وابتسامات، من ألم وعذاب وصحة ونعيم، فيها اللقاء وفيها الفراق، كما فيها الحياة الجديدة، فيها الموت الأخير، وما أكثر الفواجع التي تأتي في الروح والأحبة والمال، فيغادرنا بين الحين والآخر أشخاص أعزاء، ليتركوا قلوبنا على جمر لا ينطفئ، وآخر من قلنا لها وداعاً خالتي كرمه مشل التمياط، وبرحيلها قد طوينا صفحات مليئة بالمودة والدفء والحنان والنقاء، الملتزمة بالدعاء لنا كما الأنهار، واهبة الحب والخير كما الشجر، تشاركنا الأحلام والهموم، خالتي أم بندر التي كانت لها من الحنان الكثير الكثير حتى ليراها جميع من حولها بأنها أم غالية، تلك الخالة التي كانت تتألم لألمنا تبكي لحزننا وتتعب دونما حدود حين نغيب عنها لأيام، تلك المرأة التي كانت قلباً كبيراً على هيئة امرأة، فيا لقلبك الكبير وروحك الطاهرة، ونحن حين ننعاك، إنما ننعي أنفسنا، وننعي تلك السنوات التي قضيناها معا، وقلوبنا الآن تنبض بالحزن والحنين للتي تركت مكانها شاغراً ولا يستطيع أحد أن يملأ ذلك المكان، فقد كان الخبر المؤلم الذي هزّ قلبي نبأ وفاة خالتي العزيزة والتي كانت خالة وشامة على وجه حياتنا، ولكن هذه هي الحياة التي تنتهي بالموت، وكما قيل « تعددت الأسباب والموت واحد « وعلى رأي أحد الشعراء:
رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ
تُمِتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
فحين نكتب عن القلب وما يعتريه من حزن عميق، إنما نكتب الجراح حروفاً والألم معاني، نحاول أن نخمد تلك الحرائق التي لا يستطيع القلب تحملها، نبكي ونحزن للموت، الموت الذي نؤدي من خلاله حق الله علينا، وستبقين يا خالة حية في قلوبنا وأحاديثنا، وسنخبئ الكثير من الدموع عن بعضنا، وسنغطي العيون ونُبكي, فخالتي تستحق أن نعيش بلا عيون بعدها، تلك التي كانت تجعل من الحياة أجمل وأحلى مع جدتي أم جاسم يتبادلن الحديث عن التاريخ والقصيد, ونحن نسأل الله أن يرحمها ويسكنها فسيح جناته وسائر موتى المسلمين، وأخيراً أقول ما قاله الرسول العظيم :إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- ناصر أحمد الفهد