إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
بالإعلان عن الأرقام والمعدلات الرسمية لحجم السعودة في سوق العمل، تقتنع أن العملية تحقق إنجازات على الأرض، ولكن بمجرد التجول في أي مدينة سعودية كبرى، تدرك أن ما يقال قد لا يكون دقيقًا، فعدد الوافدين يزداد بالشارع من حين لآخر، وأكثر من ذلك، فإن ما يسبب الإرباك داخل احصاءات وزارة العمل نفسها، هو أنها في بداية تقاريرها الاحصائية دائمًا تستعرض إنجازاتها في السعودة وتوظيف السعوديين وسحب منشآت القطاع الخاص للنطاقين الأصفر والأخضر اللذين يحققان معدلات مقبولة من توظيف السعوديين، وهي نجحت بالفعل كثيرًا في هذه الجزئيات.
إلا أنها دائمًا، تختتم تقاريرها باستعراض معدلات أعلى لاستقدام العمالة الأجنبية، وهنا يثور تساؤل: ما هي المحصلة؟ ما يؤخذ باليمين يترك بالشمال؟ نعم سوق العمل يجبر الشركات على استقدام كفاءات وكوادر بشرية متخصصة ومعينة، ولكن أيضًا حجم الطلب على الوظائف من العمالة الوطنية يزداد من سنة لأخرى.. فقد وصل عدد طالبي العمل في حافز حسب احصاءات 2013م لإحدى الدراسات الصادرة عن غرفة الرياض يصل إلى نحو 1.6 مليون سعودي وسعودية.
ويلاحظ وجود تضارب في الاحصاءات بين أعداد منشآت القطاع الخاص نفسه، فعندما يتحدث رجال الأعمال أو مسؤولي الغرف بالقطاع الخاص، فإنهم يعلنون عن إنجازاتهم، ويؤكدون أن عدد منشآت القطاع الخاص يزيد عن 1.8 مليون منشأة، في حين يصل هذا العدد إلى 336 ألف منشأة حسب احصاءات التأمينات الاجتماعية، ويصل إلى نحو 1.4 مليون منشأة حسب السجلات التجارية القائمة الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة، هذا غير نحو 335 ألف رخصة بلدية لمحلات جديدة ومتجددة غير معروف محلها من الإعراب، هل تضاف إلى الأعداد وبالتالي تصبح السجلات نحو 1.8 مليون منشأة قائمة.
هذا التضارب ينعكس على أعداد العمالة في السوق، وخصوصًا للعمالة الوافدة، فالكتاب الاحصائي السنوي يشير إلى أن عدد المشتغلين غير السعوديين (15 سنة فأكثر) حسب المنطقة الإدارية والمجموعات الرئيسة للمهنة لعام 1433- 1434هـ يصل إلى 6.01 مليون عامل، في حين أن تقرير وزارة العمل يتحدث عن 8.2 مليون عامل غير سعودي مسجلين في منشآت القطاع الخاص، مضافًا إليهم 75 ألف عامل غير سعودي يعملون بالقطاع الحكومي.
المهم أن برنامج نطاقات يتحدث عن 1.78 مليون منشأة داخلة في نطاقه، وأن نحو 1.58 مليون منشأة منها واقعة في النطاق الأبيض، وبالتالي فإن الوزارة تركز على 300 ألف منشأة فقط تقريبًا.. الأمر اللافت الذي يحتاج لمراجعة وزارة العمل، هو أن إجمالي المنشآت في «نطاقات» عام 2012م كان يقدر بنحو 1.98 مليون منشأة أي 2.0 مليون منشأة تقريبًا.. إلا أن هذا العدد تراجع كثيرًا ليصبح 1.78 مليون منشأة عام 2013م، فما الذي حدث؟ هل خرجت هذه المنشآت من السوق؟ أم أنها لم تكن موجودة أساسًا؟
وحدة الأبحاث والتقارير بـ«الجزيرة» تطرح هذه القضية بقوة على المسؤولين، لأنها تمثل خطورة إن كانت هذه المنشآت خرجت من السوق مدفوعة بمعايير «نطاقات»، وجدير بالذكر أن النقصان الرئيس للمنشآت قد حدث داخل النطاق الأبيض الذي انخفض عدد منشآته من 1.7 مليون منشأة عام 2012م إلى نحو 1.5 مليون منشأة في 2013م.
وجدير بالذكر، أن منشآت النطاق الأبيض هي المنشآت الصغيرة جدًا التي يقل عدد موظفيها عن 10 عمال، ومن الواضح أن «نطاقات» قد ضيقت على هذه المنشآت ويبدو أن ما يناهز 200 ألف منشأة (إما قائمة أو كانت تفكر في الدخول إلى السوق) قد خرجت بالفعل من سوق العمل السعودي.
وينبغي القول، بأن هذه المنشآت الصغيرة جدًا، إنما هي منشآت كان أصحابها يحاولون العمل في نشاط صغير بالسوق المحلي اعتمادًا على عمالة وافدة أو رخص تكلفتها، وعندما تم تطبيق برنامج نطاقات، من المحتمل أن يكونوا قد وجدوا صعوبات بالسوق أو في التكيف مع قواعد «نطاقات».. ولكن ما هي النتيجة: في اعتقاد وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة» أن النسبة الغالبة من أصحاب هذه المنشآت سيتحولون من «شباب أعمال» إلى «طالبي عمل» لدى وزارة العمل، وربما يوجد احتمال بأن محفزات حافز دفعتهم للتخلي عن منشآتهم الصغيرة جدًا والتحول إلى طالبي عمل وحاصلين على محفزات «حافز».
وحدة الأبحاث والتقارير بـ«الجزيرة» تطرح قضية مهمة، وهي مدى تأثير «نطاقات» على «حافز»، فمن الواضح أن نسبة مهمة من أصحاب المنشآت الصغيرة تحولوا بتأثير «نطاقات» إلى «حافز».. وهذا أمر يحتاج للمراجعة.. أيهما يؤثر على الآخر؟ فهل «حافز» هو الذي دفع هؤلاء للتخلي عن منشآتهم نظرًا لعدم قدرتهم على التكيف مع قواعده أم أن «حافز» نفسه هو الذي دفعهم بمحفزاته إلى التخلي عنها؟
وإذا رغبنا في تقييم صافي حصيلة إنجازات وزارة العمل في السعودة، فإن الوزارة قد تمكنت من توظيف عدد 332.2 ألف سعودي وسعودية خلال عام 2013م، في المقابل ارتفع عدد العمالة الوافدة والمسجلة بمنشآت القطاع الخاص من 7.4 مليون عامل عام 2012م إلى 8.2 مليون عامل في 2013م، أي ارتفع عدد العمالة الوافدة من غير السعوديين بمقدار 859.9 ألف عامل.. ويرجع ذلك إلى أنه رغم وجود تصفية وتصحيح لعدد كبير من العمالة الوافدة إلا أن عدد التأشيرات الجديدة للمستقدمين بلغ نحو 1.01 مليون تأشيرة!!