لا أريد أن أكتب قصة قصيرة أنافس فيها «ارنست همنغواي» برائعته الأدبية المشهورة (لمن تقرع الأجراس)، لكنني استعرت هذا العنوان ليكون عنوانا للمقالة التي سأتحدث فيها عن دائرة مهمة، لها أعمال متشعبة وكبيرة، لكنها مزدهرة ونشيطة وجليلة، إنها الجمارك السعودية، التي لها قفزات نوعية هائلة، محققة بذلك مكاسب عمل كبيرة، وتسلقت سلم المجد حتى ارتقت إلى مراتب عليا، من حيث الكفاءة والأداء والتنسيق، واتفق الناس على اختلاف مشاربهم على أن الجمارك السعودية بلغت أوج عظمتها، وحفرت اسمها في سجل الوطنية والشرف والتميز، ولها صفحات مشرقة من صفحات التاريخ السعودي الزاخر بالخير والعطاء، فقد أسهمت انجازات الجمارك السعودية العملاقة، في تفجير الإبداعات الوطنية المخلصة، وحماية الوطن من شرور المخدرات والآفات المميتة، ونجحت في إرساء قواعد الانضباط العملي، حتى أصبحت الجمارك السعودية بجهود العاملين فيها الوطنيين الأبرار شعلة منارة أداء وتضحية وتفانيا، وقادرة على العمل في كل الاتجاهات المنهكة، والدروب الوعرة، والمسالك الضيقة، ووفق المعايير القياسية العالمية، ما أدى إلى ضبط النشاطات التجارية عبر منافذنا كلها، وتحقيق المزيد من مكاسب النجاح والتميز، التي عادت بالنفع والخير والفوائد الجمة على الوطن والمواطن، وسجلت نجاحات لا تحصى في لجم المهربين والتجارات المشبوهة، وفي إدارة العمل وفق المنهج الاقتصادي القويم.
إن الأسس والركائز التي قام عليها هذا الكيان العملاق، هو الانتماء الوطني الكلي الذي لا يقبل التجزئة، وحماية الوطن والمجتمع من الشرور كافة، ولذا وبناء على ذلك، يجب دعمهم بمزيد من الأعداد وتشجيعهم وتأهيلهم علمياً ومهنياً، وذلك بفتح مجالات أوسع لتعليمهم داخل وخارج البلاد، وفي أرقى المدارس والمعاهد المختصة في مجال الجمارك بكل تنوعاتها وطيفها وتشعباتها.
إن تشييد الأحياء السكنية الحديثة لهم، بالقرب من أعمالهم، وتوفير البنية الأساسية من طرق، ومدارس، وأسواق، وجمعيات تعاونية، وملاعب حديثة، وأحواض سباحة، وحدائق، ومتنزهات، ومكتبات عامة، ونواد ترفيهية، ووسائل الرعاية الصحية المجانية، يعود بالنفع على العاملين، ويمدهم بطاقات عالية من بذل الجهد والأداء والتفاني والإخلاص.
إنني لا أغالي إذا قلت إن الجمارك السعودية، من الإدارات المميزة التي تتواصل نجاحاتها ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي، وفق نجاحات متتالية، فقد برز دورها في المحافل الدولية، وتجسد هذا الدور من خلال تقديم أفضل الخدمات على الأرض وفي البحر، وفي مد جسور التعاون مع إدارات الجمارك الخليجية والعربية والعالمية الأخرى، وعلى الرغم من كل الذي تناولته هنا، مازلت اشعر بالتقصير لعدم تمكني من تغطية قصة الازدهار الذي حققته الجمارك السعودية في هذا الزمن الذي تشبع بالجشع والطمع والشر، لكنني قرعت لها الأجراس احتراما وتقديرا وتكريما ووفاء وعرفانا.