حدثني الزميل العزيز الأستاذ حمد القاضي بموقف رائع جداً له مع الراحل الكبير الدكتور غازي القصيبي، حيث قال عندما كان القصيبي وزيراً للصحة طلب مني أحد أصدقائي وهو موظف في وزارة الصحة أن أشفع له عند القصيبي بحكم الصداقة الخاصة التي تربطني به حتى يوافق على انتقاله من وزارة الصحة إلى جهة أخرى لديها فرصاً أفضل من وزارة الصحة للتطور والترقي. فكتب الأستاذ القاضي رسالة رقيقة للقصيبي أثنى فيها على مواقف القصيبي الرائعة والدائمة لمساعدة الآخرين وأثنى فيها على الموظف ثناءً عطراً أشاد به وبقدراته وطموحه حتى يوافق أبو سهيل - رحمه الله- على انتقاله من الوزارة ومنحه إخلاء طرف.
وأرسل أبو بدر الرسالة وجاءه الرد الذي كان مفاجأة صاعقة للقاضي وعن طلب الشفاعة، إذ قال القصيبي: إذا كان ذلك الرجل يتمتع بكل تلك الصفات التي ذكرتها فإن ذلك يجعلني أتمسك بهذا الموظف لدينا في الوزارة ولن أفرّط فيه وسوف أرقيه إلى رئيس قسم، فما كان من صديق القاضي إلا أن قال له لماذا أثنيت علي في خطاب الشفاعة؟ فقال أبو بدر: وهل من المعقول أن أذمّك. سبحان الله كان بقاؤه خيراً له واستفادت منه الوزارة وترقى حتى وصل إلى المراتب العليا فيها وما زال يخدم في أحد قطاعاتها الحيوية.
فالإنسان لا يعلم أين تكون له الخيرة.. فبقاؤه حقق له كل آماله وطموحاته، كما أن القصيبي كان حكيماً في تصرفه بالتمسك بذلك الموظف الذي أثنى عليه القاضي ولم يوافقه على التخلّي عنه. ورب ضارة نافعة.