ولد ولتر بيرسي كرايزلر عام، 1875 وكان والده مهندساً بشركة سكك الحديد، فولع ابنه ولتر بالآلات في سن مبكرة، ورفض فرصة الالتحاق بالجامعة في سبيل أن يصبح متدرباً في محلات يونيون باسيفيك، ونظراً لذكائه ومثابرته في عمله وإصراره على إتقان كل جانب من جوانب عمله، عمل كرايزلر كمشغل آلات في عدد من شركات السكك الحديدية.
ومع ارتقائه في الوظائف وتوليه مزيداً من المسؤوليات، أصبح كرايزلر في عام 1910م مراقباً لقوى المحركات في شركة شيكاغو غريت ويسترن للسكك الحديدية، وفي ذلك الوقت، كانت شركة جنرال موتورز التي أسسها ويليام سي ديورانت في عام 1908 تمر بصعوبات مالية، ولتجنب إفلاس مصانع الشركة التي تقوم بتصنيع السيارات ومكوناتها، قام عدد من الأشخاص الذين يحملون الأوراق المالية لشركة جنرال موتورز بإخراج ديورانت من الشركة في عام 1910 وعينوا بدلاً منه تشارلز إن ناش رئيسا للشركة، وكان ناش يدرك إدارة كرايزلر الفعالة لشركة أمريكان لوكوموتيف، فأقنعه ناش في عام 1912بأن يعمل ولتر بيرسي كرايزلر مديرا للأعمال في (بويك).
كانت أساليب الانتاج في (بويك) غير فعالةومكلفة، نظراً لأن عملية تصنيع السيارات كانت من خلال طرق تقليدية بطيئة، فقامكرايزلر على الفور بإعادة تنظيم وحدات بويك وقام بإدخال مجموعة من التعديلات على خطوط الإنتاج، وهو ما أدى إلى زيادة حجمه من 45 سيارة يومياً إلى 200 سيارة، وفي الوقت ذاته، زادت أرباح جنرال موتورز بفضل جهود كرايزلر من 7 ملايين دولار إلى 28مليون دولار في الفترة ما بين 1913 و1916.
ومن خلال مجموعة من المناورات المالية،استطاع ديورانت الرجوع إلى رئاسة جنرال موتورز في عام 1916 وقام بتعيين كرايزلررئيسا لـ(بويك) براتب سنوي قدره 500 ألف دولار، يدفع له في الغالب على شكل أسهم.
وخلال السنوات الأربع التالية، زاد الإنتاج بشكل جيد واستمرت (بويك) في تحقيق معظم أرباح جنرال موتورز، لكن كرايزلر وجد أن تدخلات ديورانت في شؤون (بويك) أمر مستفز للغاية،فاستقال كرايزلر في نهاية المطاف في عام 1920.
وفي عام1922، تمت الاستعانة بكرايزلر لإنقاذ شركة ويليز أوفرلاند من الإفلاس براتب سنوي بلغ مليون دولار، وكان من أهمما قام به في برنامج الإنقاذ هو تصميم سيارة عالية الأداء في حدود 1500 دولار تتمكن من منافسة السيارات الفارهة التي تباع بسعر 5000 دول ار وأكثر يومها، ولم يمر كثير من الوقت على قبوله بهذا العمل حتى عرض عليه عمل مماثل، وذلك لإعادة هيكلة شركة ماكسويل للسيارات
ومن خلال جهود ثلاثة مهندسين، تم الانتهاء من سيارة كرايزلر الجديدة في مصنع ماكسويل في عام 1924 وتم عرضها في نيويورك، استطاع كرايزلر الاستفادة من الحماسة الجماهيرية تجاه السيارة الجديدة، واستطاع الحصول على الأموال لاستثمارها في الإنتاج الإجمالي، وتم تغيير اسم شركة ماكسويل إلى شركةكرايزلر،ونظراً للطلب المتزايد على السيارة، قام كرايزلر بشراء شركة دودج برازرس فيعام 1928، وأصبح رأس مال شركة كرايزلر 432 مليون دولار وأصبحت ثالث أكبر شركةلإنتاج السيارات في الولايات المتحدة.
أظهر كرايزلر قدرة رائعة على الارتقاء في الوظائف المختلفة، وأصبح بارعاً في إدارةالأهداف المالية والتسويقية لعمله، وقد أحيل كرايزلر إلى التقاعد في عام 1935وتوفي بعد ذلك بخمس سنوات.
دخلت شركة كرايزلر أزمة مالية خطيرة، لم تخرج منها إلا بفضل لي أيكوكا الذي بذل كل ما في وسعه للخروج من الأزمة المالية التي كانت كرايزلر واقعة فيها.
فبعد أن طرد ثلاثة وثلاثين نائبًا للرئيس من أصل خمسة وثلاثين نائبًا، قام بجمع فريق إداري جديد ضم أشخاصًا عملوا في السابق لدى شركة فورد، وتمكن من إقناع نقابات كرايزلر بتخفيض أجورهم الساعية، ففي عام 1980م اتخذت الشركة قرارًا بخفض نفقاتها بمقدار 500 مليون دولار وصرفت أكثر من 15000 عامل ممن كانوا يعملون برواتب ثابتة، وأخيرًا ذهب أيكوكا إلى واشنطن دي سي، حتى يتمكن من الحصول على 1.5 مليار دولار على شكل ضمانات فيدرالية.
وبالرغم من كل ذلك، ظلت ثالث أكبر شركة في العالم لتصنيع السيارات تعمل على مقادير ضئيلة من المال لدرجة أن إجمالي ما تبقى لديها من مال لم يتجاوز المليون دولار في نوفمبر 1981م، ويقول أيكوكا عن ذلك: (عشت حياتي كلها مديرًا للأزمات، وتلك كانت لحظتي التاريخية، فقد كنا مفلسين، لكنني لم أخبر أحدًا بذلك(.
ولكي يظهر التزامه بإنقاذ كرايزلر، وافق أيكوكا على الحصول على راتب سنوي مقداره دولار واحد فقط إضافة إلى خيارات بالحصول على أسهم، يقول أيكوكا: (يتوجب عليك دعوة الجميع والقول «أرحب بكم سيداتي وسادتي، إننا جميعًا في المركب نفسه» ويضيف بأن (التحول يحدث عندما تدفعهم إلى العمل بفكرة مفادها أننا سنسقط معًا)، يصف أيكوكا ذلك بالمساواة في التضحية ويقول: إذا كنا جميعًا في التضحية سواء، فسيحرك الموظفون الجبال من أجلك.
استمرت كرايزلر في نزف آخر مليون دولار كانت تملكه نقدًا، حتى أن أيكوكا اقترح إجراء عملية دمج مع شركة فورد المنافسة، لكن ذلك الاقتراح رفض، وهكذا عاد إلى البحث عن بدائل مجددًا، توجهت كرايزلر إلى مورديها الذين كان لديهم حسابات مستحقة الدفع على الشركة تقدر بحوالي 800مليون دولار في الشهر، وطلبت منهم تمديد مهل تسديد الأقساط، بعضهم رفض وتوقف عن شحن البضائع لها، مما تسبب في إغلاق مؤقت للعديد من منشآتها، أما الموردون الرئيسيون، مثل ناشونال ستيل وغوديير تاير، فقد وافقوا على تمديد مهل سداد الأقساط المتوجبة على الشركة.
وأخيرًا في عام 1982م بدأ الاقتصاد الأميركي وشركة كرايزلر بالانتعاش، لم يتخلف أيكوكا يومًا عن دفع أجور موظفيه، وفي العام 1983م، تمكن من سداد قروضه إلى الحكومة في وقت مبكر، (في النهاية تمكنا من قلب الأوضاع بالتركيز على صنع سيارات جيدة، لكننا كنا نتخبط قبل ذلك).
يقول أيكوكا: (كانت الموستنغ شيئًا رائعًا، غير أن الميني فان كانت بمثابة الضربة الموفقة والبقرة التي تدر المال)، وبانتهاء ذلك العام، عادت الشركة إلى جني الأرباح وأصبح أيكوكا بطلًا شعبيًا، فإعلاناته التجارية لصالح شركة كرايزلر والتي كان يطلب فيها من العملاء تجربة السيارات التي تنتجها شركته، جعلت منه شخصية مشهورة، يقول أيكوكا: (لم أكن أرغب في الظهور على شاشات التلفاز، لكنني أكرر القول بأننا كنا نمر في أزمة، إذا كنت تحتضر، فلن تكون بحاجة إلى شخصية مشهورة، الناس يتعاطفون مع الضحية، وكنت الضحية، كان في مقدورهم النظر إلىّ على أنني الشخص الذي عليه الرجوع إلى منزله والتأكد من أن السيارة لا تصدر قعقعة وأن الزيت لا يتسرب منها).