مر على حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مئة يوم، وفي العادة فإن الملوك والرؤساء لا يقاسون بالمئة يوم الأولى، بل تقاس أفعالهم وإنجازاتهم في السنوات لكن حالة الملك سلمان حالة خاصة وفريدة والإنجازات التي تحققت في المئة يوم الأولى كانت إنجازات عظيمة وبحاجة إلى سنوات عدة لتحقيقها، لكن الملك سلمان استطاع تحقيقها، والسبب الرئيس هو حنكته ودرايته بالأوضاع الداخلية والخارجية.
فخلال مئة يوم من حكم الملك سلمان حدثت تطورات كثيرة على المستوى الداخلي والمستوى الخارجي بالنسبة للمملكة العربية السعودية والمنطقة برمتها، فعلى الصعيد الداخلي فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين خمسة وستين مرسوم ملكي، حملت هذه المراسيم الكثير من القرارات بإعفاء أشخاص وتعيين أشخاص آخرين ودمج واستحداث مؤسسات جديدة سياسية واقتصادية، ودفع بالشباب للمناصب القيادية العليا، فتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف (56 سنة) وليا للعهد ووزيرا للداخلية، يعتبر تطورا كبيرا في البيت السعودي الحاكم كون الأمير محمد بن نايف من أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز وأول حفيد يستلم هذا المنصب، وهذه نقلة نوعية في الحكم، أراد الملك سلمان بهذا التعيين ضخ دماء شابة في الحكم، كما أن تعيين الأمير محمد بن سلمان (30 سنة) وليا لولي العهد ووزيرا للدفاع لتكتمل الصورة بشكل واضح، وأراد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أن يكون هناك توازن في أعمار القيادات في المملكة العربية السعودية.
وبهذا الاختيار قطع الملك سلمان كل التكهنات والتوقعات خاصة في مراكز الأبحاث الغربية التي كانت تضع سيناريوهات وتوقعات لمستقبل الحكم في المملكة العربية السعودية.
لذلك نستطيع القول إن الملك سلمان وضع النقاط على الحروف وأسس لمؤسسة الحكم في المملكة العربية السعودية للأجيال القادمة.
وفي أولى خطابات خادم الحرمين الشريفين أكد أنه لا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى... وأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات» وفي رسالة واضحة للمسؤولين في الدولة قال «لن نقبل أي تهاون» وهذا ما أكدته الأحداث، حيث تم إيقاف أمير رياضي وإعلامي على خلفية تصريحات، وإعفاء وزير الإسكان والصحة من مناصبهم بعد مدة وجيزة من تعينهم في مناصبهم الجديدة.
الحدث الأبرز على المستوى المنطقة والأقاليم هي عاصفة الحزم التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لإعادة الشرعية لليمن بطلب من رئيس اليمن الشرعي عبد ربه منصور هادي وحكومته الشرعية بعد التوغل الحوثي ومحاولتهم السيطرة على مقدرات اليمن ومنافذه البحرية، فلبى النداء الملك سليمان، وانطلقت في اللحظة الأولى مئة طائرة لتدك معاقل الحوثيين في اليمن، وكان لعاصفة الحزم تأثير واضح على المستوى الإقليمي والدولي، ووضعت هذه العاصفة الحد للتوغل الإيراني في اليمن بعد توغلهم في ثلاثة عواصم عربية (بيروت، بغداد، دمشق) هذه العاصفة أحيت الروح العربية واستطاع الملك سلمان بكل حنكة واقتدار قيادة هذه العاصفة وتجمع خلفه حلف عربي إسلامي قوي، تشكل هذا الحلف بعد الإعلان عن عاصفة الحزم مما يؤكد أن العرب والمسلمين متشوقون وراغبون في التحالف لصد التوغلات الإيرانية وإعادة الشرعية لليمن وإعادة التوازن في المنطقة برمتها.
لكل هذه الأسباب ليس غريباً أن تختار مجلة «التايم» الأمريكية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أحد الزعماء الأكثر تأثيراً في العالم، من بين 11 زعيماً عالمياً، وذلك لاتخاذه ومنذ توليه مقاليد الحكم بالمملكة في الـ23 من يناير 2015، قرارات عدة ذات تأثير واضح في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
ومن الأسباب التي أشارت لها المجلة عن السبب في اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان هو أن «الملك سلمان بن عبدالعزيز عمل منذ سن مبكرة جنباً إلى جنب مع معظم ملوك المملكة العربية السعودية في بناء بلاده، ويعود الفضل له في بناء عاصمتها الرياض، لتكون مدينة عالمية حديثة... كما تفانى في خدمة وحماية الدين الذي يحمله في قلبه وواجباته تجاه الأمة الإسلامية».
وأكدت المجلة أن «خادم الحرمين الشريفين يطوع خبراته الواسعة وحكمته العميقة في هذه الأوقات الحرجة التي تمر بها المنطقة لرسم المسار إلى الأمام، ليس فقط بالنسبة للمملكة العربية السعودية وشعبها، ولكن أيضاً بالنسبة للمنطقة والعالم برمته».
- جامعة الملك فيصل