غالباً ما يكثر الجدال والسجال حول مدى مناسبة استخدام لفظ إعاقة ومحاولة إبدال أو إحلال لفظ ذوي الاحتياجات الخاصة مكانها. وأنها لم تعد صالحة للاستخدام، خصوصاً أن الكثير من ذوي الإعاقات الجسدية قد أبدعوا ونجحوا، مما يؤكد أنها ليست إعاقة الجسد التي تمنع من النجاح بل إعاقة الثقافة والفكر.
لكن أنا هنا لست في محل لنقاش أي منهما ومدى ملاءمته، لأن ما سأتحدث عنه في هذا المقال لا يلائمه إلا وصف إعاقة، لكن من نوع آخر!!
مع كل إعلان للميزانية العامة للدولة والمشروعات يكثر الحديث واللغط أن هناك فسادا من بعض المسؤولين والإداريين القائمين على بعض المشروعات وأن هذه الميزانية لا قيمة لها مع هذا الفساد الذي يعتبر سببا لتعثر المشروعات ومعيقا للتنمية.
لكني هنا أختلف مع هذا الرأي فالمعيق أو المساند للتنمية هو غير ذلك تماماً أو أنه يوازي الفساد إذا ما كان يعلوه في الأهمية، أنه عزيزي المواطن «ثقافتك وفكرك» ومدى «تقبلك ومرونتك» للجديد. ففي الوقت الذي يقف فكرك في وجه تحقيق المشروعات وتكون حجرة عثرة أمامها أنت هنا تعيق التنمية والتقدم والتطور الذي وضعت لأجله الميزانية. فحينما تصطدم مع نظام جديد وضعه أصحاب القرار والمسؤولين لمصلحة هذا الوطن ومن يقيم على أرضه، بالاستهجان وتعبئة المجتمع علية، وعندما يستغرق تطبيق قرار والتمهيد له مدة زمنية طويلة للإقناع المجتمع به ومن يرفضون الجديد، هنا تعاق التنمية.
فعندما استحدث نظام ساهر في وقت كنا في أحوج الأوقات آلية ليوقف نزف الأرواح في الشوارع وفوضى القيادة، حورب ولا يزال يمارس عليه أنواع الضغوطات لإيقافه وتعرضت كاميراته للتكسير والموظفون القائمون عليه للاعتداء والعنف أثناء تأدية عملهم. مع أنه وضع لصالحهم تماماً.
وفي فترة ليست بالبعيدة عندما أعلن قرار تأنيث المحال النسائية الذي يصب قلباً وقالباً في المصلحة العامة. الذي كان ينتظره المجتمع النسائي منذ زمن قوبل الوزير -آنذاك- القصيبي -رحمه الله- بالهجوم والمعاداة وإثارة الرأي العام عليه حتى وصلت منابر الجمعة ووصلت للبعض بالتعرض لشخصه -رحمه الله- بالدعاء عليه والسب أمام العلن وطال هذا من أتى بعده مما أعاق تنفيذ هذا القرار سنوات. وقيادة المرأة للسيارة الذي ما زال ينتظر الموافقة المجتمعية والقبول الاجتماعي ليدخل حيز التنفيذ.
وقس عليها عزيزي القارئ غيرها من القرارات والأنظمة الذي لم يؤخرها ويؤجلها إلا الإعاقة الفكرية الثقافية لدى البعض من أفراد المجتمع الذين اجتهدوا وأبوا إلا أن يفرضوا فكرهم وثقافتهم الشخصية وما تحويه من عادات وآراء واجتهادات بالية التي لم تعد تتناسب لهذا العصر على مجتمع بأكمله بجميع أطيافه وألوانه وشرائحه متحدين بذلك أصحاب القرارات ممن اجتهدوا في دراسة مدى ملاءمته شرعياً واجتماعياً.
إن أكبر داعم لعجلة التنمية عزيزي المواطن ليس الميزانية وحجمها وليس مدى صلاح المسؤولين فقط بل هناك ضلع ثالث لمثلث التنمية والتقدم ألا وهو مدى مرونتك وتعاونك في تنفيذ القرارات وسلاسة تقبلك للجديد. فهي لم توضع إلا لأجلك وأجل أبنائك والأجيال القادمة من بعدنا ولمصلحة هذا الوطن المعطاء أدام الله عزه وأمنه.
- باحثة دكتوراه جامعة الملك سعود