يا قارعَ الطبل أَسمِعْ عازفَ العود
هيّا أَعيدا أهازيجاً بتغريد
هيّا أَعيدا أناشيداً بزغرَدة
ولْيَرقُصِ الفجرُ من وَجد وتنهيد
ولْيَطرَبِ الناس في الأصقاع قاطبة
مَن كان في البحر أو من كان في البيد
حتى الطيورُ على الأَفنان صادحةٌ
وفي الفيافي غناءُ الجِنّ والسّيد
تَجَمَّعوا فِرَقاً تُصغي مسامِعُهُم
لا يسمعون سوى قَرعٍ وتَرديد
ويَملأُ الساحَ أفواجٌ وقافلةٌ
يُحيُون ليلاً على أنغام غِرِّيد
زَفْناً ولَفّاً وتصفيقاً وقهقهة
كلٌّ على وجهه من فرحةِ العيد
* * *
يا قارعَ الطبل زِد في القرع لا عجبٌ
أن يأتيَ النصر مصحوباً بتأييد
نحن الذين ركِبنا كلَّ عاصفة
ترمي بنارٍ لَظاها غير معهود
نحن الذين جعلنا الدار مُشْرَعةً
دارَ العدوّ بأحزان وتنكيد
نحن الذين سقينا كلَّ نائبة
كأساً تَدَفَّق من أجواف عِربيد
* * *
يا عازفَ العود وقِّع على وتر:
جاء الزمان وجئنا الجمرَ في العود
جاءتهُمُ الأُسد في الآجام غاضبةً
تدعو المنايا بأشواق ألا عودي
ضجَّت وضَجَّت لها الأقدارُ قائلةً
قد جئتموهم بأيّام لهم سود
شالت نعامتُهم في قعر هاوية
ما بين مُصطَرِخٍ يرغو وموءود
* * *
يا قارعَ الطبل أَسمِعْ عازفَ العود
صوتاً يجيش بألحان الأناشيد:
هُبوا جميعاً فحيُّوا عُصبة وقفت
رَدَّت مَظالمَ لم تُردَد بتنديد
رُدَّت مظالم لما قام طالبها
شَقَّ الجيوب كشَقّ السف للجيد
ثَكلى هناك وأيتامٌ صُراخُهُمُ:
ماذا جَنَيْنا أيا حوثٌ لتشريد
ما ذنبُنا أن نعيش الدهرَ في أَرَق
النارُ تحرِقُنا في جوفِ أُخدود
يدعُون سلمانَ وا سلمانُ ائتِ لنا
هيّا تَعالَ لنا يا خيرَ موعود
مَن للنساء وقد عُرِّين من خُمُر
يركُضن شُعثاً على أحشاء مَصفود
يدعُون سلمانَ وا سلمانُ أنت لنا
هيّا تَعالَ لنا يا ابن الأماجيد
جِئتَ الزمانَ وهم في الغَيّ قد سَدَروا
يَبنون وهماً لهم من عهد داود
جِئتَ الزمانَ وقد قامت قيامتُهم
خلفَ الجهالةِ كالجُرذان كالدود
ظَنّوا ظنوناً بأنّ الهدْيَ صاحبُهم
يُحيُون ديناً بلا أُسٍّ وتمهيد
ديناً لهم أن يُباد العُربُ قاطبةً
ويَجْلُبَ الفُرسُ فخراً دينَ تجديد
ظَنّوا ظنوناً لها في الوهم أجنحةٌ
أنْ سوف يأتون كالبركان للصّيد
أنْ سوف يُفنون في الأضحى جَماجِمَنا
ويَرقصون على أشلاء توحيد
طارت إليهم سَرايا بات آخرُها
وسْط النُّجودِ وأُولاها على مِيد
حتى استحال نهاراً ليلُ كهفهمُ
وصار ما حولهم نَثْرَ مَحصود
وأصبح الحوثُ في الأجحار بينهمُ
يثغو عليٌّ بإرعادٍ وتهديد
ذاكم أيا حوثٌ قد ضلَّت ضلالتُه
لم يتَّقِ اللهَ في الإحسان والجُود
أَرخى الزِّمام لأطماعٍ وأخيُلةٍ
أن يجعلَ الدهرَ موروثاً لمولود
يا وَيْحَه قد أحال الحُسن في يَمَنٍ
قُبحاً وفي عدنٍ أحزان مفقود
حتى أتت نجدةُ الرحمن تنقذهم
من بعد ما يئسوا من حُبّ مودود
سلمانُ جاء بأمطار تبَشِّرهم
أن النعيم جرى في كل عُنقود
هَشوا وبَشّوا وقاموا شاكرين له
فضلاً من الله أحياهم بصنديد
* * *
يا قارعَ الطبلِ أَسمِعْ عازفَ العود:
فتحٌ قريب ونصرٌ غيرُ معهود
نصرٌ يقودُ به سلمانُ جَحفَلَه
يَهتَزُّ كالطَوْد أو يمشي على الجُودي
سَمْحُ الخَليقةِ بَطّاشٌ إذا غضِبت
عيناهُ خَرَّت له عينُ الصناديد
* * *
يا قارعَ الطبلِ زِدْ في القرع منتَشياً:
هذي الحروب وليست حربَ رِعديد
يا عازفَ العود شَنِّف مسامعَنا:
نحن الذين حمينا كلَّ مطرود
يا شعبَ سلمانَ قُمْ رَدِّدْ بساحتِه:
يحيا المليكُ ويبقى دينُ محمود
- د. فضل بن عمّار العمّاري