فإن ما أعلن عنه في هذه الجمعة المباركة في هذا الشهر الحرام شهر رجب، حيث من الله على قادة هذه البلاد وعلى هذا الوطن بكشف مؤامرة دنيئة، ومساع خبيثة، وأوكار لدعاة الفتنة ينفذون بها أجندة التنظيم الإجرامي الفاحش، الذي عاث في الأرض فسادا، ولم يقتصر على إجرامه وفساده في بلاد الشام وأرض الرافدين، بل صار يملي على بعض من باعوا دينهم، وفسدت ضمائرهم، ومدوا أيديهم لكل مفسد، يترسمون في هذا نهج التكفير الذي هو مبدؤهم ويرومون بذلك الفساد واستهداف أمن المملكة العربية السعودية، ولكن الله سبحانه برحمته وفضله ومنته مكن منهم جنود التوحيد وحماة العقيدة ولا يخفى أن هؤلاء القتلة لن يتركوا فرصة إلا واغتنموها ولا سيما في الظروف التي مرت بها بلادنا الغالية، ووطننا العزيز، تلكم الظروف التي شهدت انطلاق عاصفة الحزم، وموقف النصرة، ورياح العزم التي حملت لليمن السعيد بشائر العزة والتمكين من إرهاب الحوثي ومن وقف معه من المجرمين، فكان الشعب كله بل والعالم أجمع مع هذا الموقف، وسجل ولله الحمد أعلى مؤشرات الاجتماع والاتفاق والوحدة، وبعث الأمل في نفوس المسلمين في كل مكان لتكون نهاية البغي والظلم والغطرسة الصفوية الفارسية في هذه الحقبة المباركة، وبدل أن يرى من يزعمون أنفسهم مجاهدين في هذه المواقف ما يصدق شيئا من دعواهم في الجهاد بكف أذاهم وشرهم عن المسلمين في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية وغيرها إلا أنه الغدر ومواقف الاستغلال الإجرامي، فصاروا يجندون من يرونهم امتدادا لهم ممن هم من أبناء هذا الوطن وللأسف، ليقدموا هذه الخدمة الشيطانية لأعداء الدين، ويرومون من خلال ذلك أن يتفرق الناس على ولاة أمرهم، وأن تفتح جبهة داخلية يخدمون بها أعداء الدين، ولكن الله لهم بالمرصاد، فكان التمكين منهم نعمة كبرى من الله، تستوجب منا أن نحمد الله ونثني عليه بما هو أهله، وأن نلهج بالدعاء لمن كانوا سبباً في درء هذا الخطر وفي مقدمتهم ولاة أمرنا، وعلى رأسهم مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف وزير الأمن المبارك وسمو ولي ولي العهد حفظهم الله ونفع بهم دينه وإننا لنقرأ في مثل هذه الحوادث حفظ الله لهذه الدولة لأنها حفظت دينه وحكمت شريعته، ورعت عقيدة التوحيد صافية، وصدقت الله في ذلك فكان موعود الله لها بهذا التمكين (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) كما أن ذلك دلالة على قوة هذه الدولة، وهيبتها، وما قدمت من جهود مباركة جبارة لحماية أمن هذه البلاد، ونصرة المظلومين، والوقوف مع كل مسلم وهذه شواهد ناصعة، ولكن فئات الغدر والخيانة أعماهم الضلال والانحراف فلايرون ذلك ويكفي في بيان هذه الفئة التي تتعاون مع هذا التنظيم المفسد، وإظهار سوء طويتهم أن يكون تعاونهم في هذا الظرف، الذي ينتظر من كل مسلم أن يكون بمشاعره وقلبه مع نصرة الحق، وأن يسلم منه إخوانه في بلد التوحيد، وأن يرى معظماً للدم الحرام في كل وقت، فيقوم هؤلاء بانتهاك الحرمات، واستهداف رجال الأمن الذين جعل الله قدرهم بأن يحرسوا أمن هذا البلد ويحموا مقدراته وممتلكاته بصورة تدل على التوغل في الجريمة والغدر والخيانة ليشابهوا سلفهم من المنافقين المفسدين، يقول سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ -حفظه الله- في شأن مشابه «وهذه مثلبة عظمى ومنقصة كبرى، إذ فيها إدخال الوهن على بلاد الإسلام، وأهل الإسلام وهذا كصنيع المنافقين مع اليهود ضد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة، وكذلك التواطؤ مع المشركين ضد أهل الإسلام، ومن كان في قلبه إيمان صحيح فلا يمكن أن يتعاون على أهل الإسلام وبلاد الإسلام» ا.هـ
والحق أن المسؤولية عظيمة في التعاون والتكاتف، والالتفاف مع ولاة أمرنا ضد هؤلاء المفسدين المجرمين الذين ينفذون إرادة خوارج العصر والإبلاغ عن المطلوبين، ليجدوا في تكاتفنا ما يضيق عليهم الخناق، ويجعلهم شذاذا كما هو حالهم، وليكون ذلك إجماعا عملياً على رفض هذا الشذوذ الفكري، والإرهاب العملي، والفساد المبين من هذا التنظيم وأعوانه، وإننا لنحتمي بالله، ونعتصم به أن يدحرهم ويكبتهم فينقلبوا خائبين، وأن يحفظ بلادنا من كيدهم وشرهم، ومن فساد المفسدين وعدوان المعتدين، كما نسأله سبحانه أن يؤيد إمامنا فيما يتصدى له من حملة إعادة الأمل لتكون ظلاً وارفاً يأوي إليه أهل اليمن، وتجتمع كلمتهم، ويندحر عدوهم إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- وكيل جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية