تعليقاً على مقال الأستاذ عبدالحفيظ الشمري في صحيفة الجزيرة ليوم الاثنين 4 مايو 2015م والذي جاء بعنوان (يوم الكتاب.. مناسبة عابرة): كتاب في أوراق، وأوراق طي حياة، وحياة تغيرت بكتاب، وكتاب امتد حتى وصل إلى ملايين، وكتاب تجاوز مكانه إلى أمكنة، وكتاب تجاوز زمانه إلى أزمنة، وفكرة غيرت وطورت، وأخرى بحثت واكتشفت، وثالثة نقدت فأكملت.. ورابعة وخامسة وسادسة...... وأين؟.
في كتاب، وفي يوم الكتاب العالمي يجتمع العالم ليقول: شكراً للكتاب، وليتساءل ونتساءل نحن معه في هذا الجزء من العالم الرحب: ماذا قدم لنا الكتاب، وما الذي قدمناه له؟ هل هو يوم لكتابة كتاب، أو يوم لقراءته، أو يوم لإخراجه بين العقول والمطابع؟! هل هو حديث عن تأثير الكتاب فينا، أو تأثيرنا في الكتاب، أو الطور الذي ننتقل فيه قبل الكتاب وبعده، أو من كتاب إلى كتاب؟ ما الذي قدمناه للكتاب في مجتمعنا: هل أعطيناه مكانه اللائق به في حياتنا أبعد من كونه زينة لمكان أو رصداً لزمان أو شغلاً لفراغ أو جلبا لمنام أو طعام؟ هل وهبناه شعورنا بالمسؤولية حين نكتب، وشعورنا بتحمل التبعة حين نقرأ، وهل منحناه الحرية البعيدة عن الفوضى حين نراقب ونوجه؟ هل للكتاب عندنا صناعة تتجاوز بيع الأفكار في سوق العرض والطلب بين الناشر والقارئ أم ما زلنا نعتقد أن الكتاب لازمة ترفيه هازل يشغل به المتبطلون أوقاتهم، ويملأ به طلاب الشهرة والبريق صفحات حياتهم؟.
وليكن لنا يوم تأمل ورصد للتجربة بصحبة كتاب.. تأمل فيما قرأناه من موضوعات وفرتها لنا كتب، وتأمل في تأثير هذا كله في قلوبنا وعقولنا وفي المسؤولية التي حمّلها إيانا كتاب، وفي سبب التأثير أهو في مضمون الكتاب، أو في شكله، أو في روح كاتبه داخل المتن وخارجه، أو في قدرة فنان جميل على إبراز فكرة بارعة على غلاف كتاب، أو في تجاربنا الخاصة حين تمازجت مع ما قدمه كتاب؟. كل ذلك مما يستحق التفكير فيه، ويدعو إلى الاحتفاء به ومعه في صحبة كتاب، وهي صحبة لم تغير موقعها عند قارئ متمرس صحبة المسرح، أو السينما، أو الشبكة (الإنترنت) ولعل مكمن السر في ذلك أن الكتاب هو ملهم الفنون وهو حافظها وهو ناقلها الأمين من جيل إلى جيل.
بالنسبة لي: إن كان يوم كتابة، فأيامي مشغولة بالكتابة، وإن كان يوم قراءة فهو في تاريخي يوم قراءة متصل بآخر لا ينقضي وأكره له أن ينقضي دون رفقة كتاب، وليكن يوم الكتاب العالمي لمراجعة التجربة بعد طول صحبة الكتاب. أين كنت، وأين أصبحت، وما هي كلمتي لكتاب وعنه بين كتابه وقراءه؟ وأحسب أن رصيدي من ذلك جميل.
فمع الكتاب شعرت أني أجمل، وشعرت أني أغنى، وشعرت أني أقرب من كثيرين إلى المعرفة في رحلة البحث عن الكمال الإنساني ممثلاً في الحقيقة التي نطلبها دوماً.
وخطتي في يوم الكتاب العالمي هي أن أكتب عن كتاب، وأن أحدث أصدقائي عن كتاب، وأن أزور مكتبة خاصة لشراء كتاب أو كتب، وأن أدخل مكتبة عامة في الرياض كي أتنفس كتبا وأقابل وجوها تبحث عن كتاب، أو تقرأ كتاباً، أو تنقل شيئاً من كتاب أو ترقمه على هامش كتاب.
وأخيراً أجلس على كرسي في مكان منعزل في مقهى هادئ وأقرأ كتابا أتضامن عبره مع كثيرين يقرؤون كتابا في يوم الكتاب.
- عبدالواحد اليحيائي