يقول علي بن ابي طالب: «لا تربوا أبناءكم كما رباكم آباءكم، فلقد خلقوا لزمان غير زمانكم».
كما اسمحوا لي أن اقتبس عبارة الأستاذ عبد الله القصيمي «كل الشعوب تلد أجيالاً جديدة إلا نحن، نلد آباءنا وأجدادنا».
وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان في مجتمعنا، فنحن نغرس في كل جيل جديد الطباع ذاته والعادات ذاتها والتقاليد القديمة نفسها التي توارثناها من أجدادنا وزرعها داخلنا آباؤنا، فننتج أجيالاً جديدةً قديمة بالصفات والعادات ذاتها..
الزمن يسير والعالم يتطور ودول الجوار والأشقاء يتطورون بينما نحن ورغم دخولنا القرن الواحد والعشرين وتطور وسائل التكنولوجيا وسبل التواصل وأنماط وإيقاع الحياة لم نزل تقريباً كما نحن، نتقدم خطوة ونرجع خطوتين!! لازلنا نحبو على استحياء وبتردد لنلامس ما هو جديد ثم يثور علينا ثائر ما زال مصراً على استمرار ولادة آبائنا وأجدادنا فنهرع خائفين متراجعين عما تقدمناه قليلاً..
مجتمعي الذي أحبه ويحبه غيري الكثير رغم ثورتنا وتمردنا عليه أحياناً، نحن لا نرفض طبائع أجدادنا وآبائنا ولا نتهمها بالنقص ولا نرى كذلك أنها كاملة، لكننا نرى أن الغبار قد علا بعضها وغطاه بحر ونرى أن عوامل التعرية لعبت معها الكثير فتيبست حتى أصبحنا نسمع مِن مَن يكبرنا عبارة صرنا حتى نحن نرددها لنستشهد على مواقف نستنكرها في مجتمعنا مثل [عندنا العادات قبل العبادات!!] أو [فيه عادات أشد من العبادات]..
مجتمعي لننفض عنّا الغبار وننهض لنواكب تطورات هذا الزمن ولنطوع لصالح زمننا هذا بعض العادات والطباع والتقاليد القديمة، ولنجعلها مرنة تتوافق مع تطورات هذا العصر «عصر السرعة» «عصر التكنولوجيا» عصر أصبح العالم فيه قريةً صغيرة وأصبحت العولمة أول سماته وأوضحها، لنجعل عاداتنا وتقاليدنا مرنة كمرونة ديننا الإسلامي الحنيف الذي يواكب كل العصور منذ عهد رسولنا الكريم عليها أفضل الصلاة وأتم التسليم..
وحتى عصرنا هذا لم نجد من يشتكي أن الإسلام أصبح لا يناسب زمناً ما ولكننا سمعنا ونسمع أنه بتقاليد وعاداتٍ قديمة بالية خالية من المرونة قُولبَ هذا الدين فأصبح لا يناسب الزمن ولا المكان، فلم يكن العيب في الإسلام ولكن العيب في التقاليد التي لم تتطور ولم تكتسب المرونة لتساير ديننا، لذا لنخلق عادات جديدة تتوافق مع الزمن وتطوراته الحديثة ولنتعلم من ديننا الكريم معنى الوسطية والاتزان، ولنساعد في خلق فكر جديد ينمي في أجيالنا القادمة أفكاراً إبداعيةً ابتكاريةً، فنلد جيلاً جديداً متطوراً لا نسخة طبق الأصل من آبائنا وأجدادنا..
لنسعى معاً ولنبدأ بأنفسنا أولاً ولنغير تفكيرنا وتعاملنا وتفاعلنا مع مواقف الحياة عامة وما يمس العادات والتقاليد بصفة خاصة، لينشأ جيل يتعلم من خلالنا قيماً وعادات تتماشى مع الزمن الجديد ويطور هذا الجيل عادات وقيم أخرى تتماشى مع الجيل الذي يليه..
مجتمعي،، دمت بخير...!