كل إنسان يؤدي دوره ورسالته بهذه الحياة في أي موقع كان ثم يغادر هذا الموقع.
لكن ماذا يُبقي الإنسان من عمل، وما يحتفظ به له الناس من عاطر الذكر، والأهم ما يبقى له بأدائه أمانته من عظيم الأجر.
لقد حلّقت هذه الكلمات في آفاق ذهني وأنا أرى مسؤولاً فاضلاً ومخلصاً يترجّل عن كرسي مسؤولياته الإدارية بعد أن أعطى وبذل ونذر أغلى سنين عمره لخدمة هذا الوطن وأبنائه في أهم شأن يعنيهم ألا وهو: صحتهم وتمتعهم بالعافية.
ذلكم هو معالي الدكتور العزيز منصور بن ناصر الحواسي نائب وزير الصحة للشؤون التنفيذية.
لقد عرفت هذا الرجل منذ سنوات طويلة امتداداً لعلاقتي بوالده العزيز الشيخ ناصر الحواسي وشقيقه الصديق الذي هو الآخر كان متفانياً بأداء مسؤولياته د/ عبدالله حفظهم الله جميعاً.
عرفت الدكتور منصور صديقاً وفياً، وعرفته إنساناً جميلاً بتعامله، متفانيا بعطائه منذ أن كان طبيباً يمارس رسالته الإنسانية، ثم مديراً لمستشفى الأطفال بحي السليمانية بالرياض الذي آثر العمل فيه مع أنه أقل ميزات مادية من عمله كطبيب أطفال استشاري بمستشفى الملك فهد بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية التابعة لوزارة الحرس الوطني، لكنه رغب العمل بهذا المستشفى لأنه وهو المتخصص بالأطفال سيمارس عملاً إنسانياً كبيراً يخدم به مئات الآلاف من الأطفال الذين يراجعون هذا المستشفى، وبالفعل استطاع بتوفيق الله، وبدعم الدولة، والوزراء الذين عمل معهم أن يدير هذا المستشفى بنجاح وأن يطوره مع زملائه بالمستشفى حتى صار يقدم أفضل الخدمات لأحباب الله، وكان وقتها هو المستشفى الوحيد المتخصص بالأطفال بالعاصمة.
ثم انتقل وكيلاً مساعداً لوزارة الصحة فاجتهد وأعطى وتفانى كما هي عادته في أي مسؤولية يتقلدها، ثم أصبح وكيلاً لوزارة الصحة للشؤون العلاجية التي سميت فيما بعد وكالة الشؤون التنفيذية، فأعطاها من خبرته وعلمه الكثير، وأخيراً تُوج تفانيه بتعيينه نائباً لوزير الصحة للشؤون التنفيذية فضلاً عن رئاسته أو نيابته لبعض المدن الصحية والمستشفيات التخصصية كمدينة الملك فهد الطبية، ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، وكان كما في كل مسؤولة تناط به: إخلاص دائم، وتعامل راق وتخطيط دقيق.. وقد أسهم بفضل الله مع الوزراء الذين عمل معهم ومع زملائه بالوزارة ومستشفياتها بإنجاز ونشر الخدمات الصحية وتطويرها، وكان موضع ثقة وتقدير وزراء الصحة الذين عمل معهم بدءاً من معالي د/ حسين الجزائري ثم معالي الشيخ فيصل الحجيلان الجزائري ثم معالي د/ أسامة شبكشي، ثم معالي د/ حمد المانع ثم معالي د/ عبدالله الربيعة الذين زاملهم سنوات طويلة ثم استمر بالعطاء مع الوزراء الذين تولوا حقيبة وزارة الصحة من بعدهم وبنفس الوتيرة من أداء الأمانة، والحماس للتطوير حتى ترجل بعد سنوات عديدة بذل فيها الجهد والسهر في مسؤوليات تتماسّ مع الناس في أغلى ما يملكون، ولقد سعدت بأن زملاءه الذين عمل معهم سواء بالوزارة أو المستشفيات التي تشرف عليها الوزارة أو التي رأس مجالس إداراتها سعدت بثنائهم عليه وحسن تعامله وإدارته.
بقي أن أشير إلى د/ منصور الحواسي إذا كان ودع كرسي العمل الإداري فإنني أتوق كاستشاري ناجح في أغلى تخصص وهو ((طب الأطفال))...أتوق أن يتفرغ لمهنته الطبية الإنسانية التي لم ينسها ولم يتركها حتى في عز مسؤولياته العملية بالوزارة.
وأقول له أخيراً ما قاله ذلك الشاعر لمسؤول مثله أعطى وأنجز وسهر من أجل أداء رسالته للناس:
أرح ركابك من همّ ومن سهر
كفاك جيلان محمولاً على النّصب
جزاك الله - ابا فيصل الحبيب - خير الجزاء على ما قدمته لوطنك وأبناء وطنك.