سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة - سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نُشر بصحيفة الجزيرة يوم الأربعاء 25 مارس 2015م مقالٌ بعنوان: (اللغة العربية وظالموها) للأستاذ محمد أبا الخيل، فإن كانت اللغات الأخرى تحمل للبشر عطاء الدنيا، فالعربية تحمل إليهم نور الهداية، فأيهما أحق بالبقاء؟ {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ}، في حالة اللغة العربية خصوصاً لا يُمكن الفصل بين اللغة والدين، فاللغة العربية قبل أن ينزل القرآن كانت لغة أهل الجزيرة العربية لا تتجاوزها بحال، ثم بعد أن أصبحت لغة القرآن الكريم بدأت تنتشر بانتشار الإسلام شرقاً وغرباً، وتلك الصلة بينها وبين الدين لا تزال فاعلة، وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فكل مسلم يتكلم اللغة العربية ولو فقط حين صلاته، بل هو افتراضياً يتكلمها لأنه يأمل يومًا ما أن يتعلمها ليتعلم دينه من مصدره الأم، هكذا كان حظها العظيم أن اختارها الله على علم عنده لتحمل كلامه إلى الثقلين دون تحريف أو تبديل إلى يوم الدين، بعدما حُرفت الكتب المنزلة قبله مثل التوراة والإنجيل، لذا ضمن له ذلك الله رب العالمين: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وهذا سر بقائها إلى الآن كلغة رئيسة هي الرابعة، إذ ترتيبها ببساطة مرهون بانتشار الإسلام وعدد المسلمين، وتلك حقيقة لا يمكن تجاوزها أو التغافل عنها، فإن كانت اللغات الأخرى تعطي عطاء دنيوياً، فاللغة العربية تعطي الهداية إلى الصراط المستقيم، حيث النجاة من العذاب الأبدي إلى النعيم الأبدي، تاريخياً لم يحدث أن استبدلت دولة ينطق أهلها العربية لغتها إلى لغة أخرى طائعة، ورغم محاولات الاستعمار ذلك فقد فشل فشلاً ذريعاً، وقصته مع المغرب العربي والجزائر خصوصاً نموذج حي على فشله، بل هم اليوم يتخوفون من أن عدد المسلمين في فرنسا سيكون الأعلى في 2050، وهؤلاء جميعاً افتراضياً يتكلمون العربية، أجل فالملاحظ أن المسلمين في العالم يتزايد عددهم رغم كل ما ترتكبه الجماعات الإرهابية من أخطاء في حق الإسلام، ومعظم من يدخل الإسلام يدخله بعد اطلاعه على تفسير لمعاني القرآن بلغته التي يعرفها، ولكنه سيسعى وسيحاول يوماً ما تعلُّم اللغة العربية ليقرأ القرآن بلسانه الذي أُنزل به، فيكون أقرب إلى حقيقته ومعانيه وليستطيع التعبد به في صلاته ودعائه. اللغة العربية باقية ما بقي الإسلام والإيمان، وهي الوحيدة بين اللغات في كونها غير معرضة للاندثار، لأنها الرباط الوثيق بين البر وخالقهم، بينما اللغات الأخرى بقاؤها مرهون بعطاء أهلها، كل هذه الميزات وهبها الله للغة كتابه الكريم، ولكن ماذا عنا نحن؟ نحن لا شك مفرطون، فهناك للأسف من يدينون دين الإسلام وفي الوقت نفسه يحاربون استخدام اللغة العربية في بلادهم، وهم أكثر المسلمين إثماً، فإيران مثلاً تدّعي أنها تجاهد لرفعة الإسلام والمسلمين، بينما لا تسمح للعرب الأحواز باستخدام لغتهم العربية لغة القرآن في مناطقهم، بل نجد الأدعياء من الملالي أشد حساسية من الشاه للفظ «عربي»، ولم يكتفوا بتسمية الخليج العربي بالفارسي، بل يريدون تسمية ذلك الحيز من البحر الذي يحيط بالجزيرة العربية بالخليج الفارسي الأوسع، ولو كانوا حماة للإسلام كما يدّعون لعملوا على نشر لغته في بلادهم، ولكن أنّى لهم هذا وهم في ذلك يوافقون الغرب في هجومه على لغة القرآن. إنها مأساة وإثم عظيم سيُحِاسب عليه رب العالمين كلَ من ارتكبه أو تساهل مع مرتكبيه.
نايف العصيمي - الرياض