الجزيرة - حسنة القرني:
فيما فاجأت منظمة «الفاو» السعوديين بتسجيلها مؤشرات منخفضة لأسعار المواد الغذائية، ما تزال الأسعار تشهد ارتفاعًا في المملكة على الرغم من انخفاض أسعار المواد الغذائية عالميًا بالإضافة إلى انخفاض أسعار البترول، حيث سجلت المنظمة في أبريل الماضي تراجعا في الأسعار لتصل إلى 171 نقطة متراجعة عن مارس بـ2.1 نقطة (1.2 في المائة) و40.5 نقاط (19.2 في المائة) عن مستوياته في أبريل 2014.
وأبدى اقتصاديون لـ«الجزيرة» استغرابهم عن أسباب عدم تراجع أسعار المواد الغذائية في المملكة مطالبين الجهات المعنية بالكشف عن تكاليف سعر المنشأ من خلال ملحقياتها التجارية في الخارج، مؤكدين ضرورة معالجة الاحتكار التجاري بشتى أنواعه لارتباط الأسعار بالعرض والطلب. وجدد الاقتصادي محمد العنقري عدم قناعته ببعض التبريرات التي يطلقها التجار بهدف رفع الأسعار التي يأتي في مقدمتها التعاقد في فترة ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن التراجع في سعر العملات كان منذ سنة كما أن النفط مضى على انخفاضه ما يزيد على 6-7 أشهر ولاسيما أن ذلك يأتي أمام قوة الريال وتراجع النفط.
ورجح العنقري أسباب ممانعة التجار لتخفيض الأسعار على الرغم من انخفاض عملات الدول المصدرة بتذرع التجار بارتفاع تكاليف نقل بعض المدخلات بالإضافة إلى تذرعهم بارتفاع تكاليف التأمين على النقل وذلك بسبب الأحداث السياسية في المنطقة. موضحًا أن حجم انخفاض عملة مقابل عملة يكون أقل وأن القوة الشرائية للريال ارتفعت من جهة وانخفاض أسعار النفط وتأثيره على النقل من جهة أخرى يؤكد أن الأسعار لابد وأن تتراجع أمام قوة الريال لكن الحاصل أن الأسعار لم تتغير ولا نزال في حاجة لطرق أبواب أكثر لمعرفة أسباب بقائها مرتفعة.
ودعا العنقري إلى تفعيل دور الملحقات التجارية في الخارج ودفعها لرصد الأسعار بعد حسم قيمة الرسوم والضرائب بهدف معرفة الفارق السعري من ناحية كما سيمكننا ذلك من معرفة ما إذا كان هناك سلعة محتكرة، ومن ناحية أخرى. مطالبًا الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التجارة بضرورة تفسير مسألة بقاء أسعار المواد الغذائية في المملكة على ما هي عليه دون انخفاض على الرغم من انخفاضها عالميًا. وحذر العنقري من الأثر السلبي الاقتصادي من جراء تغليب مصلحة التجار على حساب المستهلك الذي يمكن أن يدخر دون أن يكون هناك زيادة حقيقية في دخله حيث يمكنه في حال تراجع الأسعار توفير جزء من دخله بسبب تراجع التكاليف بالنسبة له. وسجل المؤشر أعلى تراجع له في أسعار منتجات الألبان، وانخفضت أيضاً أسعار السكر والحبوب والزيوت النباتية. وفي المقابل، ارتفعت أسعار اللحوم في أبريل لتسجل بذلك أول زيادة لها منذ أغسطس/آب 2014. وبهذا المتوسط في أبريل/نيسان يصل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء إلى أدنى مستوى له منذ يونيو/حزيران 2010. بدوره طالب الاقتصادي الدكتور عبدالله بن ربيعان الجهات المعنية بضرورة معالجة الاحتكار مؤكدًا أهميته في التحكم بعمليتي العرض والطلب ما ينفي ـ بحسب رأيه ـ تأثير معرفة سعر المنشأ وذلك لخضوعه لعاملين رئيسيين أولهما: إغفاله لاحتساب سعر النقل وتكاليف إجراءات الجمارك والتوزيع والتأمين. وثانيهما عدم مقدرتنا على إلزام التجار بالتقيد بسعر التفضيل. ودعا ابن ربيعان إلى معالجة ارتفاع أسعار الخدمات بأنواعها معللا ذلك بتنامي ارتفاعها.
من جهته نفى الرئيس التنفيذي لشركة أسواق العثيم يوسف القفاري تأثير انخفاض أسعار النفط بشكل مباشر ومؤثر في تكلفة إنتاج جميع المواد الغذائية وخاصة ما ينتج محليًا. واستدرك مرجعًا سبب تأرجح أسعار النفط إلى أسباب سياسية واقتصادية فالأسباب ـ حسب رأيه ـ لا تقتصر في بعض الأحيان على الأسباب السوقية فحسب. مقرًا ـ في الوقت نفسه ـ بحدوث انخفاض بسيط في أسعار السلع المستوردة كالحليب والسكر والزيوت والدجاج متوقعًا استمرارية تدرج انخفاض الأسعار إلى أن يصل إلى مستواه الطبيعي. وتوقع القفاري انخفاض أسعار المنتجات المستوردة التي يدخل البترول عاملا أساسيا في تصنيعها أو مواد التعبئة والتغليف الخاصة بها تدريجيا، لافتًا إلى عدم انخفاض أسعار الوقود والطاقة ومدخلات الإنتاج والقوى العاملة لم تنخفض محليًا على الرغم من انخفاض أسعار النفط عالميًا. وبرر القفاري استمرارية تأرجح وتأثر مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية بين الارتفاع والانخفاض بالعرض والطلب وتكاليف الإنتاج والشحن إلى جانب تقلب أسعار العملات الصرف إضافة إلى انخفاض أو ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته.وعد القفاري المتوسط السعري للمخزون أهم العوامل في انخفاض الأسعار وهو الذي يرتبط بدورة المنتج خلال مرحلة الإنتاج ثم النقل ثم التخزين ، وهذا في الغالب يحتاج إلى فترة زمنية لكي ينعكس بشكل مباشر على السعر، منوها إلى أن المنتجين والموردين والمستوردين هم الذين يحددون الأسعار وفقا لمخزوناتهم ومتوسط تكاليفهم، مؤكدا تجاوب منافذ البيع سريع مع تقلبات الأسعار وذلك لعدم احتفاظها بمخزون يزيد على مبيعات 30 يوما ما يفسر دوماً تنافسها على تقديم العروض الترويجية والتخفيضات التي قد تصل أحيانا إلى البيع بأقل من التكلفة لجذب المستهلك.