لا أعلم لماذا قادتني خطواتي إلى دار العجزة، وكبار السن؟!
هل الصدفة؟!
أم لحظة استنطاق الواقع، والمُحيط؟!
أم لإحياء تلك الأجساد الهامدة، التي كانت بالأمس القريب في أوج نشاطها، وقوتها؟!
لكم أن تتصورا وتتخيلوا حالهم، وهم يُلوحون بأيديهم لمن زارهم..
عيونهم تراقص الأحداق، أنفاسهم تُشعل مجامر ذكرياتهم في بخور الحكايات، صدورهم جنة الدنيا التي خانها النسل، وبعض سلالة الأحفاد على حد سواء!
أكاد أجزم أني حبست آهات القلم، وحسبت تعداد مشيتي نحوهم، وظل ناظري يستنطق دموعهم، وارتعاشة شفاههم الثكلى.. بعدة تساؤلات لا مناص من ذكرها، وتوثيقها للتاريخ والزمن..!
- أحقاً هؤلاء يملكون المال، والولد؟!
- أحقاً لا تعترف بهم ذريتهم إلا ساعة البصمة، والتوقيع على وريقات أموالهم وممتلكاتهم، وهم على قيد الحياة؟!
- أحقاً لا يُعترف بهم إلا بالاسم، والتفاخر بهم بين الأنام بنظرية وجاهة بالوجاهة؟!
- أحقاً يزورهم بعض الأحفاد، ويتجاهلهم أصحاب الشأن والمسؤولية؟!
- أحقاً كانوا بالأمس هنا.. بمقدار ما تصطف النقود بين أناملهم، والحساب بالكم، والمجموع، والمُدخر؟!
- أحقاً سيفعل بنا كما فعلنا، فباني الدار أولى بالدرار والإدرار، وعلى بند «خبز خبزته أكله»..؟!
- أحقاً استقبلتهم الدنيا بالولادة، والقماط الأبيض، وزغاريد البهجة، والتغافل عن تصرفات طفولتهم.. وفي الجانب الآخر الموت، الغسل، الكفن، الصلاة، التشييع، القبر، الوداع؟!
- فحقاً حقاً حياتنا قصة قصيرة بدايتها هُم، ونهايتها نحن!