العقلاء لا يتجاهلون الدروس والعبر، السادرون في غيهم، وحدهم الذين يدفعون في النهاية ثمن التهور والإندفاع، الإستئناس برفقة الأفاعي والعقارب، والاستعانة بالعقارب والأفاعي لن تدوم طويلا، لأنها ستتمرد وتنقلب على من رباها وآواها، فهذه الأنواع من الزواحف خطيرة لا تميز بين الغريب والقريب, ولن يثنيها الترويض عن العودة إلى ممارسة نزعاتها الشريرة، فالذين احتضنوا العقارب ودربوها على لدغ أقرب الناس لابد أن تلدغهم في بطونهم حينما تسنح لها الظروف، مما ريب فيه أن الشواذ الذين يخونوا أوطانهم، وتجندهم الدول المعادية، وتصفق لهم عندما يسؤون إلى أوطانهم ومجتمعاتهم، لن يترددوا في نفث سمومهم، فالخائن يظل خائناً، والفاسد يظل فاسداً، وصاحب الضمير الميت يضل ضميره ميتاً، ولن تستقيم ذيول الكلاب حتى لو وضعوها في القوالب الفولاذية، ويبقى الاعوجاج هو الخصلة الثابتة في طباع الجراء الصغيرة مهما كبرت، فالصبي الذي يتربى على الخيانة، ويتعلم الاستهانة بكرامة الأوطان وهيبتها والتمرد على سلطانها، والخروج عن طاعته، سيقع في شر أعماله، وستكون أعماله لعنة عليه، أن الذي يربيه الأعداء، سيكون عينهم الخفية، ومخلبهم السري، وكلبهم المطيع، فينشأ ويترعرع في معسكراتهم، ودوائر مخابراتهم، وأسواقهم وحاناتهم، متنقلا من شارع إلى آخر، ومن رصيف إلى رصيف، يعلمونه تفاصيل الأجواء الخبيثة، ويرضعونه حليب الخيانة، ويطعمونه خبز الدسائس، فلا يعد يهمه الخراب، ولا الدمار، ولا الرؤوس المقطوعة، ولا الأجساد المبعثرة، ولا البطون المبقورة، ولا الناس كيف يموتون ويتشردون، ولا البيوت كيف تُحرق وتُنسف بالمتفجرات، ولا أصوات الاستغاثات، ولا دوي المدافع، لأنه تحول إلى مخلوق شرس بجسد رجل شرير، هذه العقارب البشعة، والأفاعي اللعينة، تحتضنهم ثكنات الأعداء، وتدربهم على الخيانة والتجسس، وتشجعهم، على النذالة والخيانة والأعمال الموبقة، حتى لا يهمها بعد ذلك أن ترتكب أبشع الجرائم الوطنية والإنسانية، أن هذه العقارب والأفاعي مشحونة بالسموم الفتاكة على أوطانها ومجتمعاتها، يستغلون أدنى ظرف ليمارسوا نزواتهم الشيطانية الغادرة، داسين السم مع العسل، ثم ينقضوا على أوطانهم ومجتمعاتهم كالذئاب الكاسرة، فيمارسون معها أبشع أنواع الاعتداءات الوحشية، ويتناوبون على تعذيبها من دون مبرر، سوى مبرر الخيانة، أن الدول العدوة التي دربتهم على ارتكاب الخيانة وقادتهم إليها، وزينت لم السقوط الأخلاقي في مستنقعات الرذيلة، ستنفيهم ذات يوم إلى مجاهل الأرض دون رحمة ولا شفقة ولا أسف، عندما تنتهي المهمة القذرة، لكن علينا كمجتمع متلاحم ذكي وواعي أن نأخذ بعين الحذر من هؤلاء المزروعة في نفوسهم بذور الشر، فلا نلتفهم إليهم، ولا نعيرهم الاهتمام، لأن من رضع حليب الخيانة من أثداء الأعداء، لديه القدرة والقوة الكافية أن ينفث سمه وحقده في وجوهنا، ويزرع في طريقنا الأشواك السامة.